مدونة صورة وكلام

  هي مجموعة من التدابير القضائية وغير القضائية التي تستخدمها المجتمعات الخارجة من فترات نزاع دموي أو أنظمة قمعية، لمعالجة الانتهاكات الجسيمة ل حقوق الإنسان التي وقعت خلالها. وهدفها الأساسي تحقيق العدالة في ظل أوضاع غير مستقرة، والعمل على المصالحة بين أطراف النزاع، حيث يكون النظام القديم قد سقط دون أن يكتمل بناء نظام جديد عادل. ترتكز العدالة الانتقالية على خمسة محاور رئيسية: 1)الملاحقات القضائية: محاكمة مسؤولي الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب. 2)لجان الحقيقة: الكشف عن الانتهاكات وجمع الشهادات. 3)برامج التعويض: جبر الضرر المادي والمعنوي للضحايا. 4)إصلاح المؤسسات: تطهير الأجهزة الأمنية والقضائية من العناصر المتورطة في الانتهاكات. 5)إحياء الذاكرة: تكريم الضحايا وإعادة الاعتبار لهم. لا تهدف إلى الاقتصار على معاقبة الجناة، بل تسعى إلى مصالحة المجتمع مع ماضيه، وبناء دولة تحترم الحقوق والحريات. أكبر مثال معاصر على ذلك جنوب أفريقيا بعد سقوط نظام الفصل العنصري (1948–1994)، حين ساهمت لجنة الحقيقة والمصالحة في تجنب حرب أهلية ووضعت أساساً لمجتمع جديد أكثر عدالة.

  تعني التجربة الحسيّة كل ما نعرفه أو نشعر به من خلال الحواس ك السمع و البصر و الشم و اللمس و التذوق ، فتعرّف لون الأزهار وسماع الموسيقى ولمس الساخن أو الخشن كلها تجارب حسيّة. أي استقبال المعلومات من الخارج عن طريق الحواس. وهي مصدر أساسي للمعرفة، وكل مفاهيمنا وإدراكنا تبدأ من تجارب حسيّة. أما التجربة العقلية فتتولد من عبر العمليات الذهنية، ك التفكير في العمليات الحسابية أو في المفاهيم كمفهوم العدالة . أي أن العقل يبني معارفه بنفسه عبر الاستنتاج والتفكير. ويمكن للتجربة الحسية أن تمتزج مع التجربة العقلية لتوليد معارف، كما هو الحال في قوانين نيوتن التي بنيت على ملاحظة سقوط الأجسام وحركة الكواكب ، ثم استنتج منها قوانين عامة بالاعتماد على التفكير العقلي المجرد كما في قوله إن القوة تساوي إلى جداء الكتلة في التسارع. أما نسبية آينشتاين فهي عقلية أكثر منها تجريبية، فهو لم يعتمد على ملاحظاته التجريبية وإنما على تجربة مايكلسون ومورلي، ولكنه تخيل تجارب مثل ركوبه على شعاع ضوئي، ليتصور مفاهيم مثل احناء الزمكان .

  هي فرع من الفلسفة يركز على الدراسة النظرية والنقدية للأسس والمبادئ التي تقوم عليها السلطة السياسية و المجتمع و الدولة و القانون ، بالإضافة إلى الحقوق والواجبات. هي محاولة للإجابة على أسئلة مثل: ما هو أفضل نظام سياسي؟ ما الذي يجعل السلطة شرعية؟ ما معنى الحرية ، العدالة ، والمساواة؟ ما هي حدود الحرية الفردية؟ ما العلاقة بين الفرد والمجتمع؟ ما الذي يبرر خضوع الأفراد لحكومة معينة؟ ومتى يكون من حق الناس الثورة على الحكومات؟ بعبارة أخرى، تهتم الفلسفة السياسية بتطوير مفاهيم عن كيفية بناء مجتمع عادل ومنظّم. من كبار فلاسفة السياسة الذين أثروا في هذا المجال: أفلاطون ، أرسطو ، هوبز ، لوك ، روسو ، ماركس ، وجون رولز. هؤلاء الفلاسفة حاولوا كل بطريقته وضع تصورات لكيفية العيش المشترك تحت سلطة مشتركة. المواضيع التي تعالجها الفلسفة السياسية تختلف عن تلك التي يتناولها علم السياسة ، الذي يدرس الوقائع كما هي (مثل دراسة الأحزاب ، الانتخابات، والسياسات العامة).

  العقد الاجتماعي هو اتفاق ضمني بين أفراد المجتمع يقضي بوجود الدولة والمجتمع المنظّم، حيث يتنازل الأفراد عن بعض حرياتهم الطبيعية (كالحرية المطلقة في التصرف) مقابل حماية حقوقهم الأساسية مثل الحياة و الحرية والملكية، وضمان النظام والأمن عبر سلطة عليا متمثلة في الدولة أو الحاكم. يهدف هذا التوافق إلى منع الفوضى وإعلاء المصلحة المشتركة. كان أول من تحدث عن العقد الاجتماعي بطريقة منهجية هم الفلاسفة: الإنكليزي توماس هوبز ، والبريطاني جون لوك ، والفرنسي جان جاك روسو . رأى هوبز ضرورة وجود سلطة عليا قوية ("الليفياتان") تفرض النظام حتى بالقوة، واعتبر الخضوع لها واجبًا للحفاظ على السلم. أما لوك فاعتبر أن الناس أحرار بطبيعتهم، وأن الغاية من العقد حماية الحقوق الطبيعية، وإذا خالفت السلطة ذلك جاز للشعب الثورة عليها. أما روسو فابتكر مفهوم "الإرادة العامة"، حيث لا يُسلّم الفرد نفسه لحاكم بل للجماعة بأسرها، سعيًا لتحقيق الحرية الجماعية. لمّحت بعض الأديان السماوية، وبعض مفكري روما مثل شيشرون ، لفكرة قريبة من العقد الاجتماعي، ولكن دون صياغة منهجية واضحة.

  توماس هوبز (1588–1679)، فيلسوف إنكليزي ومؤسس الفلسفة السياسية الواقعية الحديثة. يُعد كتابه الأشهر الليفياثان (كائن أسطوري مخيف جاء ذكره في الكتاب المقدس ) من أبرز الأعمال في الفكر السياسي، حيث قدّم فيه تصوراً متشائماً عن الطبيعة البشرية، معتبراً أن الإنسان أناني يسعى لمصلحته الذاتية، وقال عبارته الشهيرة: "الإنسان ذئب لأخيه الإنسان". رأى أن غياب السلطة يؤدي إلى حالة من الفوضى والصراع، سمّاها "الحالة الطبيعية"، حيث يقاتل الجميع ضد الجميع، وتكون حياة الإنسان "منعزلة، فقيرة، قذرة، وحشية، وقصيرة". ولتفادي ذلك، يرى هوبز أن على الناس أن يتوافقوا على "عقد اجتماعي" يتنازلون فيه عن جزء من حرياتهم لصالح سلطة مركزية قوية تحفظ النظام، وهي الدولة ، التي يجب أن تكون مطلقة ولا يجوز الثورة عليها، حتى لو كانت استبدادية، لأنها شرط للاستقرار. خالفه في ذلك جون لوك ، الذي دعا لحماية الحقوق الطبيعية وجواز الثورة، في حين أن جان جاك روسو رأى أن العقد الاجتماعي يخلق الإرادة العامة. مهّد هوبز لفهم السياسة كعلم مستقل عن الدين و الأخلاق .

  جون لوك (1632–1704)، فيلسوف وطبيب بريطاني، من مؤسسي الفلسفة التجريبية ومن أبرز منظّري الليبرالية السياسية. رفض فكرة المعرفة الفطرية كما قال بها ديكارت ، وذهب إلى أن المعرفة تنشأ من التجربة الحسية والتأمل الداخلي كما جاء في كتابه "مقالة في الفهم البشري"، الذي عبّر فيه عن فكرته الشهيرة بأن " العقل يولد كصفحة بيضاء". ميّز بين الأفكار البسيطة التي تأتي من الإحساس، والمركّبة التي يشكّلها العقل. في المجال السياسي، كان من أوائل المدافعين عن الليبرالية الحديثة، مؤكداً على الحقوق الطبيعية في الحياة والحرية والملكية، وداعياً إلى الحكم القائم على العقد الاجتماعي، وفصل السلطات، وشرعية الثورة ضد الاستبداد كما جاء في كتابه "الرسالتان في الحكومة"، الذي نقد فيه الحكم المطلق، ووضع تصوراً لحكم يستند إلى الحقوق الفردية والعقد الاجتماعي. كما دعا إلى التسامح والحرية الدينية، معتبراً أن الإيمان لا يُفرض، وأن لكل فرد الحق في اختيار معتقده، كما جاء في كتابه "رسالة في التسامح" دعا فيه إلى قبول التعدد الديني وفصل الدين عن السلطة.

  باروخ سبينوزا (1632–1677)، فيلسوف هولندي، يُعد من أوائل فلاسفة عصر الحداثة. وُلد في أمستردام لعائلة يهودية برتغالية هربت من محاكم التفتيش. تلقّى تعليماً دينياً تقليدياً، لكنه رفض بعض تعاليم اليهودية ، فتم فصله منها وهو في الثالثة والعشرين. رفض ازدواجية ديكارت بين " العقل " و"الجسد"، واعتبر أن كليهما تجليان لجوهر واحد، هو الله أو الطبيعة . والطبيعة لديه ليست مجرد مظاهر فيزيائية، بل الكيان الكوني الشامل، بحيث أن التأمل في الطبيعة هو تأمل في الله نفسه. لكن الله في فلسفته ليس كائناً خارجياً يتدخل أو يراقب، بل هو الوجود نفسه وقوانينه. دعا في كتابه "الرسالة في اللاهوت والسياسة" إلى تأويل الكتاب المقدس بالعقل، وانتقد هيمنة الدين على السياسة و الفكر ، ودافع عن حرية التعبير والتسامح. أما كتابه الأشهر "الأخلاق"، الذي نُشر بعد وفاته، فيعرض فيه نسقاً عقلانياً لفهم الله والطبيعة والنفس والانفعالات والأخلاق. وفي "رسالة في إصلاح العقل"، شرح كيف يتحرر الإنسان من الخرافات والانفعالات من خلال المعرفة العقلية.

  رينيه ديكارت (1596-1650) هو فيلسوف فرنسي وأحد أعظم المفكرين في الفلسفة الغربية ومؤسس الفلسفة الحديثة. تتمحور فلسفته حول البحث عن يقين مطلق، حيث بدأ بتشكك شامل في كل شيء حوله، حتى في وجوده الشخصي. قاده الشك العميق إلى الاكتشاف الشهير "أنا أفكر إذن أنا موجود"، الذي يُعتبر اليقين الأول الذي لا يمكن الشك فيه. شكّ في حواسه والعالم المادي، لكنه اكتشف أن التفكير هو ما يثبت وجوده. سعى أيضاً إلى إثبات وجود الله، معتبراً أن الله هو الضامن لوجود العالم المادي، لأنه لا يمكن أن يكون مخادعاً. في نظرية الازدواجية الديكارتية، فرّق بين العقل غير المادي والجسم المادي، مؤكداً أن العقل هو مصدر المعرفة الحقيقية، بعكس الفلاسفة السابقين الذين اعتمدوا على المعرفة الحسية. كما اعتبر أن هناك معارف فطرية في العقل، مثل فكرة الله والمبادئ الرياضية، التي لا تأتي من التجربة. كان لفكره أثر كبير في سبينوزا ولوك و كانط ، وأثرت فكرته عن العقلانية في تطور منهج البحث العلمي والفكر الفلسفي اللاحق.

  هي تيار فكري عميق ومتشعب نشأ في العالم الغربي . يُقصد بها تحديداً ذلك النمط من التفكير الفلسفي الذي بدأ في اليونان القديمة مروراً ب روما و العصور الوسطى المسيحية ف النهضة و التنوير وصولًا إلى الفلسفة المعاصرة. وهي امتداد لفلاسفة عظماء مثل سقراط و أفلاطون وأرسطو، الذين أسّسوا قواعد التفكير الفلسفي النقدي والمنطقي. تُعنى بأسئلة الوجود و المعرفة و الأخلاق و المنطق و السياسة والجمال، وتتناول هذه المواضيع بطرق عقلانية وتحليلية ومنهجية للغاية. وقد سُمّيت بـ"الغربية" ببساطة لأنها نشأت وتطوّرت في الغرب الجغرافي، لكن ما يميزها ليس فقط هذا الامتداد، بل أيضاً قدرتها المدهشة على التجدد، وجرأتها الشديدة في مساءلة كل شيء، من الدين إلى العلم ، ومن اللغة إلى الوعي الإنساني. وما يجعلها متفردة ومثيرة للاهتمام هو أنها لم تظلّ أسيرة الماضي، بل تطورت بصورة كبيرة مستجيبة للتغيّرات الاجتماعية والسياسية والعلمية، على عكس بعض التقاليد الفلسفية الأخرى التي تركز غالباً على الروحانيات أو المبادئ الثابتة. وكذلك ميلها إلى الطرح النقدي، التحليلي، والمتغيّر دائماً جعلها ساحة غنية جدًا بالنقاشات ...

  Thomas Aquinas. ولد نحو عام 1225 في صقلية ، وتوفي في عام 1274 في مدينة ليون الفرنسية. هو كاهن دومينيكي كاثوليكي وفيلسوف شهير، أعلن قديساً عام 1323. أبرز معالم فلسفته هي التوفيق بين الإيمان و العقل . حاول إدخال الفلسفة الأرسطية في العقيدة المسيحية. وبحث في أدلة وجود الله وعدد خمسة منها، أولها أن الله هو المُحرِّك وليس المُحرَّك، وثانيها أنه هو السبب الأول، وثالثها الضرورة والإمكان ورابعها درجات الكمال وآخرها الغاية والتصميم المُحكم. وقال بأن الطبيعة البشرية خيرة ومخلوقة من الله لكنها بحاجة إلى النعمة الإلهية لتحقيق خلاصها. كتابه الأكبر هو "الخلاصة اللاهوتية"، وهو موسوعة ضخمة تجمع الفلسفة و اللاهوت و الأخلاق ، ولكنه كتاب غير مكتمل إذ وافته المنية قبل اكتماله. كتابه الثاني هو "الخلاصة ضد الوثنيين" موجه للدفاع عن الإيمان المسيحي خاصة إزاء الفلاسفة غير المسيحيين من يهود ومسلمين. تأثر بأرسطو و أغسطينوس ، و ابن سينا في فكرة "الواجب الوجود"، و ابن رشد في القراءات الأرسطية. اعتمدت الكنيسة الكاثوليكية تعاليمه كأساس عقائدي، ولا تزال الجامعات الكاثوليكية تدرس ف...

  طبيب وفقيه وفيلسوف من أتباع الديانة اليهودية . ولد عام 1135 في قرطبة وتوفي في القاهرة عام 1204. عمل طبيباً في بلاط صلاح الدين الأيوبي . من أهم كتبه "دلالة الحائرين" كتبه بالعربية بحروف عبرية. هدفه تقديم هداية عقلية للذين يعانون من التوتر في إيمانهم الديني وفكرهم العقلي، أي لـ"الحائرين". وهو محاولة للتوفيق بين العقل الفلسفي والفلاسفة المسلمين، ويبين فيه الدلالات المجازية لما جاء في التوراة ، ويستمد حججاً من الفلسفة الإسلامية والكلامية (الحديث العقلي)، ويناقش آراء أرسطو عن قدم العالم مقابل الرؤية التوراتية عن الخلق ويترك الباب مفتوحاً للتأويل مع ميله لنظرية الخلق. ويعالج في فصوله موضوع الشرّ ويرى أنه ليس خلقاً إلهياً مباشراً بل هو نقص في الخير، ويعيد تفسير قضايا القضاء والقدر في ضوء العقل . وبالنسبة له فإذا تعارض النص مع العقل فإنما يحتاج النص إلى تأويل، وهو يرى أن الدين لعامة الناس والفلسفة لخواص العقل. تعرّف على فلسفة أرسطو عن طريق ابن رشد ، وتأثر بفلسفة الفارابي و ابن سينا .

  شرح لمقدمة ابن رشد لشرحه تحليلات لاحقة لأرسطو ولد عام 1126 وتوفي عام 1198. وهو من أبرز فلاسفة الإسلام. آمن بأن العقل قادر على إدراك الحقيقة، وأن الفلسفة و الدين لا يتعارضان بل يتكاملان. في كتابه "فصل المقال" دافع عن شرعية الفلسفة، معتبراً أنها تأمل عقلي في الخلق يقود إلى معرفة الخالق. وهو لا يفصل الدين عن العقل، بل يرى أن الفهم الحقيقي للدين يمرّ عبر العقل، ويجب أن يكون في خدمة الحقيقة ، لا التسلّط أو التقليد. ركز على شرح أعمال أرسطو ، مؤمناً بأن الفلسفة اليونانية، إذا فُهمت جيدًا، تنسجم مع الإسلام. رد على الغزالي في كتابه "تهافت التهافت"، مدافعاً عن الفلاسفة ضد تهمة الزندقة، وبيّن أن كثيراً من تأويلات الغزالي تقوم على مناهج كلامية لا عقلية. تقوم فلسفته على التمييز بين ثلاثة مستويات للخطاب: الشرعي لعامة الناس، الجدلي لعلماء الكلام، والبرهاني للفلاسفة. أثّر في فلاسفة أوروبا في العصور الوسطى ، ولقّب بـ"الشارح الأكبر" لأرسطو. دعوته لاستخدام العقل، والدفاع عن حرية التفكير، جعلت منه رمزًا للفكر التنويري في الإسلام والغرب.

  يقع في قلب مدينة دمشق القديمة، ويُعدّ من أعظم معالم العمارة الإسلامية. يتميّز بصحنه الفسيح، و فسيفسائ ه الغنية، ومآذنه الثلاث. بُني في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك بين عامي 705 و715م، على أنقاض معبد جوبيتر الروماني ، الذي لا تزال آثاره ظاهرة في بعض أجزاء البناء. وفي أواخر القرن الرابع الميلادي، تحوّل الموقع إلى كنيسة مكرّسة ليوحنا المعمدان (النبي يحيى)، وكانت من أكبر كنائس المشرق يقصدها الحجاج المسيحيون، وزُينت بفسيفساء مذهّبة ذات طابع بيزنطي . وبعد التوسع الإسلامي، أُبقي على الكنيسة، وجرى تقاسمها بين المسلمين والمسيحيين، وهو تعايش دام نحو سبعين عاماً، إلى أن طلب الخليفة عبد الملك بن مروان أن يُخصص الموقع للجامع وحده، مع الاحتفاظ بالضريح المنسوب إلى يوحنا المعمدان، والذي لا يزال قائماً إلى اليوم. وكلّف الوليد بن عبد الملك فنانين بيزنطيين بزخرفة الواجهة الداخلية للجامع بفسيفساء تمثل أنهاراً وحقولاً وجنائن، تصور الجنة الموعودة. لكن الفسيفساء الحالية ليست الأصلية بالكامل، إذ تضرر الجامع مراراً بفعل الزلازل والحرائق. فيديو مراحل بنائه.

  أبو حامد الغزالي ولد في طوس ( خراسان ) عام 1058 وتوفي فيها عام1111م. تعلّم في نيسابور . هو فقيه ومتكلم وفيلسوف وصوفي، لُقّب بحجة الإسلام. درّس في المدرسة النظامية في بغداد . مرّ بأزمة روحية دفعته لاعتزال التدريس والانقطاع للتصوف، فعاش في الجامع الأموي في دمشق لقرابة السنتين ثم تابع رحلته إلى القدس فمكة فطوس التي عاد إليها عام 1097. حيث أسس حلقة تدريسية بجوار بيته انصرف فيها إلى التصوف والكتابة والتعليم. عُرف بنقده للفلاسفة في كتابه "تهافت الفلاسفة" حيث رفض بعض آرائهم الميتافيزيقية المتناقضة مع العقيدة، مع احتفاظه بقيمة المنطق والتحليل العقلي. كتب أيضًا "مقاصد الفلاسفة" وشرح فيه مذاهبهم بدقة. جمع في فكره بين الفقه والكلام و الفلسفة والتصوف. بلغ ذروة نضجه في "إحياء علوم الدين"، حيث قدّم مشروعًا لإصلاح النفس والدين والمجتمع. رأى أن العقل مهم، لكن المعرفة الحقة تُستكمل بالكشف القلبي والذوق الروحي. أسس لفلسفة روحية صوفية في كتابه "المنقذ من الضلال". مثّل لحظة توازن دقيقة بين العقل و الإيمان في الفكر الإسلامي.

  ولد عام 980 في بخارى وتوفي عام 1037 في همدان. وهو أعظم علماء وفلاسفة عصره. موسوعته "القانون" في الطب التي بقيت مرجعاً في الطب على مدى خمسة قرون تالية. أما في الفلسفة فوضع كتابه الموسوعي "الشفاء". ترك أثراً عالمياً، من أهم من تأثر به توما الأكويني. قدم تفسيراً مسهباً للاستدلال المنطقي الأرسطي مع تركيز على التصنيف والترتيب المنطقي للأفكار، وشدد على أن الفهم الواضح للمفاهيم الأساسية يعدّ أساساً للاستدلال الصحيح. أما في الفلسفة فقال في كتابه "الشفاء بأن المعرفة تبدأ حسيّاً لتنتهي عقلياً. قسم العقل إلى مراتب: الأولى، العقل الطبيعي (الهيولاني) أو الفطري، الموجود لدى كل الناس؛ ثم العقل بالفعل عن طريق التعلم؛ ثم العقل المستفاد الذي استوعب الكليات القادر على عقل المعلومات؛ والعقل الفعال الموجود خارج النفس البشرية (مفارق) الذي يصل إلى فيض المعرفة والإلهام. وهذا الأخير هو الوسيط بين الله والعالم. اعتبر أن الخالق هو الموجود الأول الذي لا يحتاج إلى غيره، وكل ما عداه فهو مخلوق.