بحث في هذه المدونة

الخميس، 31 يناير 2019

تاريخ الشاي

ألواح الشاي

هناك أساطير هندية وصينية عن أصله، إلا أنه من المؤكد اليوم بأن الشاي ظهر أيام أسرة الهان الصينية في القرن الثالث قبل الميلاد، حيث اكتشفت أواني الشاي. استخدم في البداية لمنح الماء المغلي مذاقاً عطرياً. وعرف بفوائده في المساعدة على تخفيف التعب، واستثارة الهمم وتقوية النظر. وأصبح شراباً يومياً منذئذ. ظهر أول كتاب عنه في القرن الثامن في الصين. يشرح كيفية تحضيره، بطحن أوراقه وضغط المسحوق الناتج في مكعبات لتسهيل نقله. ولإعداده بعد ذلك يفتت المكعب المضغوط، ويشوى بالنار للتخلص مما يكون قد وصله من حشرات أو أوساخ، وأيضاً لإعطائه مذاقاً أطيب. بعد ذلك يغلى المسحوق ويضاف إليه الزنجبيل أحياناً أو البصل، للوصول إلى خليط كثيف بعض الشيء، بنكهة حارقة قليلاً، ويصب في أكواب خاصة. استخدم الصينيون مكعبات الشاي كعملة، وكانوا يشترون الأحصنة من المنغوليين ويدفعون ثمنها مكعبات شاي! الشاي الحالي هو من أوراق الشاي المجففة، التي بدأ تداولها، بدلاً من مسحوق الشاي ومكعباته، منذ القرن الرابع عشر. 

الدولاب

أجزاء مجمعة لأقدم دولاب مكتشف حتى الآن في سلوفينيا
هو إطار مستدير، من أهم وأول الاختراعات الإنسانية، له فضل كبير بوصولنا إلى ما نحن عليه. فوسائل النقل وغيرها، إن لم تستعمله في الخارج كعجلات تستعمله في الداخل لنقل الحركة. يبدو أن أول وجود له يعود إلى نحو 3200 سنة ق.م في أوروبا الوسطى، وأول عربة تعود إلى نحو 2000 سنة ق.م استخدمت في منطقة الأورال، وانتشرت بعدها في أماكن مختلقة من الصين إلى مصر. أي أن العربات لم تظهر إلا بعد ألف عام من اختراع الدولاب، وذلك لأسباب عديدة. مثل أن الاستفادة منها كان تعني وجود حيوانات داجنة قادرة على جرها. وهذا لم يتوفر مثلاً في حضارات أمريكا الوسطى التي جعلتها لعبة للأطفال. واحتاجت العربات إلى حل مسألة كيفية ربط الدواليب بالمحور بأقل احتكاك ممكن وجعل القوة اللازمة لدفع العربة معقولة. عُرفت الحركة الدورانية حول محور مع القرص الحجري الذي استخدم في طحن الحبوب منذ الألف السابع ق.م في تل أبو هريرة على الفرات السوري.

البرق والرعد والصاعقة


تحتك قطرات الماء والثلج بعضها ببعض أثناء تحركها ضمن السحاب مدفوعة بالتيارات الهوائية، وينتج عن الاحتكاك شحنات كهربائية داخل السحاب. تتصادم السحب المشحونة محدثة البرق الذي نراه في السماء على شكل خيط لامع دقيق. وفي إحدى السحب أو أكثر، تتعاظم الشحنات السالبة وتبلغ حداً معيناً، تبحث عندها عن مسار نحو الأرض على هيئة سلسلة من الشحنات السالبة. وعندما تقترب منها تسعى باتجاهها شحنات موجبة صادرة عن الأرض وتحدث الصاعقة التي قد تكون خطرة، كما كان في تجارب إثبات كهربائية الصاعقة. وعندما التقاء الشحن السالبة بالموجبة، يسخن الهواء المحيط بهما بسرعة كبيرة لنحو 30000 درجة مئوية مسبباً تسخيناً شديداً مفاجئاً، يتمدد الهواء سريعاً ومفاجئاً مُشكّلاً موجة صدمة نسمعها في الرعد. ولأن الصاعقة تتشكل في الواقع من رشقات قصيرة متتالية، فإن موجات الصدمة المتعددة تتشكل على ارتفاعات مختلفة وتحتاج مدداً زمنية مختلفة للوصول إلينا مما يسبب الهدير والدوي في صوت الرعد (فيديو).


العطالة


مفهوم يرتبط بالكتلة، وهو يعني مقاومة جسم للحركة، أو لزيادة سرعته أو تغير اتجاهه إن كان متحركاً. وكلما ازدادت قيمة الكتلة احتاجت إلى قوة أكبر لتحريكها، أي ازدادت عطالتها. والعطالة نشعر بها كلما انطلقت بنا سيارة، إذ يزداد التصاق ظهورنا بمسند المقعد بسبب مقاومتنا للانتقال من السكون إلى الحركة. وعندما تصبح الحركة منتظمة، أي بسرعة ثابتة، يزول هذا الشعور. ويعود عند التوقف عن الحركة، وخاصة الفجائي، إذ سنندفع إلى الأمام مقاومين التوقف في هذه المرة. قانون العطالة يعود في أصله إلى غاليليو، ويقول بأن الجسم المتوقف يبقى متوقفاً أو المتحرك بسرعة ثابتة يبقى على حاله هذه ما لم تؤثر عليهما قوة خارجية. وللسيارة أن تستمر بسرعتها الثابتة إذا انعدمت مقاومة الهواء والاحتكاك مع الأرض، وهذا غير ممكن. ولكنه ممكن في الفضاء حيث تتحرك المركبات الفضائية من لحظة خروجها من المجال الجوي بسرعة ثابتة دونما حاجة لأي قوة خارجية. وصواريخ المركبة هي إما لزيادة السرعة أو تغيير اتجاه الحركة.

نواس فوكو

صورة فوكو ونواسه مع تسريع في تغيير مستوى النوسان

هو نواس، أي كتلة مربوطة بخيط معلق بطريقة تسمح للكتلة بالنوسان في مستو ثابت عند دفعها، وتبقى على هذه الحالة مدة يتعلق طولها بمقدار احتكاك نقطة التعليق ومقاومة الهواء للكتلة والحبل. بنى الفرنسي ليون فوكو (1819-1868) في باريس، نواساً مؤلفاً من كتلة بلغت 29 كيلوغراماً، عُلقت بحبل طوله 67 متراً، وطرف الحبل الآخر عُلّق بسقف بناء بأقل قدر من الاحتكاك. ودَفَعَ بالكتلة قليلاً لتنوس. ولكن مستوى نوسانها كان يتغير مع الوقت. أي إذا كان النوسان من الشمال إلى الجنوب بداية، فإنه سيصبح بعد بضعة ساعات من الغرب إلى الشرق. السبب في ذلك هو دوران الأرض حول محورها. و"بضعة الساعات" هذه تختلف من مكان إلى آخر بحسب خط العرض. فعند إنشاء مثل هذا النواس في القطب الشمالي، تحتاج كتلة النواس لنهار كامل لرسم دائرة كاملة، وتطول المدة مع الاقتراب من خط الاستواء حيث ستبقى في المستوى نفسه دائماً. كانت هذه التجربة أول دليل حسّي على دوران الأرض أجريت عام 1851.


الأربعاء، 30 يناير 2019

المتة


أصلها من أمريكا اللاتينية mate، بمعنى قربة أو كأس، ويلحق بها غالباً كلمة yerba التي تعني عشبة، ليصبح الاسم "عشبة الكأس". زرعها شعب الغواراني الأمريكي الجنوبي الأصلي واستخدمها قبل مجيء الأوروبيين. تنمو خصوصاً في جنوب البرازيل والأرجنتين  والباراغواي. وهي شجرة ذات أوراق دائمة الخضرة تنمو طبيعياً على أطراف السواقي وفي الغابات. لها أزهار صغيرة بيضاء مخضرّة، وثمرها صغير بلون العقيق. يمكن إكثارها عن طريق البذار. تقص الأغصان الصغيرة عند نضوج ثمرة المتة، ويجري تحميصها، وتنزع الأوراق وتترك لتجف تماماً أو يسرّع تجفيفها على نار خشب هادئة لمدة يوم ونصف. ومن ثم تفتت ليصبح لها شكل الشاي المجفف. كانت تمضغ أوراقها كما في القات، ومن ثم أصبح يشرب منقوعها. وهي طيبة الرائحة، مذاق منقوعها مرٌّ، لذا يضاف إليه السكر.  تحتوي على الكافيين والتيوفلين والبوليفينول. لذا فهي منشطة ومساعدة على الهضم، ويعزى إليها إمكانات مثل التخفيف من نسبة السكر في الدم وضبط شهية الأكل.

الجينز


هو بنطال يصنع من القماش القطني المتين. اشتقت تسميته من اسم مدينة جنوا الإيطالية التي كان بحاروها يلبسون بناطيل زرقاء قطنية. كان لليفي ستراوس متجر يبيع القماش القطني إلى جانب سلع أخرى في سان فرانسيسكو. وكان جيكوب دايفيس الخياط أحد زبائنه، يصنع الخيم وأغطية العربات وغيرها. طلب أحد زبائنه بنطالاً يحتمل العمل الشاق، فخاط ديفيس بنطالاً باستخدام قماش الدينيم الأزرق من محل ستراوس، وقوّى البنطال بإضافة مسامير نحاسية في الأماكن الأضعف التي تتعرض للتمزق كالجيوب، وكذلك الأزرار. أطلع دايفيس ستراوس على طريقة صناعته للبنطال المقوى وعرض عليه أن يسجلا "الاختراع" معاً، وهذا ما حدث عام 1873. نجحت بناطيل العمل هذه بسرعة وتزايد الطلب عليها، فأقام ستراوس مصنعاً، ونمت الشركة وأصبحت بناطيلها أكثر ملابس العمل للرجال مبيعاً في الولايات المتحدة بحلول عام 1920. وهي اليوم في كل البيوت إن لم تكن لدى كل الأفراد في العالم، نساءً ورجالاً وأطفالاً.

الشاي



هو المشروب الأكثر استهلاكاً في العالم بعد الماء. بلغ إنتاج العالم من الشاي في عام 2016 نحو 5,73 مليون طن. كلمة شاي مشتقة من التسمية الصينية chá. أصله من ورق شجيرة تعيش في بلدان مختلفة وأنواع مختلفة، منه ما يحتاج إلى مناخ مداري، ونوع آخر ينمو في ظروف أكثر قسوة، مثل الشاي التركي، والإيراني والجيورجي والصيني...ويزرع الغرسة جنب الغرسة بترك متر مربع لكل غرسة. تقطف أوراقه عدة مرات في السنة ليستخرج منها الشاي المعروف. والأوراق الأعلى هي الأفضل، بدءاً من الزهرة البيضاء في الأعلى، وهي الأغلى والأطيب، يليها الورق الغض الأصفر، ثم الورق الأخضر. وتتناقص جودة ورق الشاي من الأعلى إلى الأسفل. العمليات التي تجرى على الورق للوصول إلى المنتج القابل للاستهلاك، هي: التدبيل، ثم التنشيف، ثم الأكسدة (للشاي الأسود)، ثم الدحرجة، ثم التجفيف، ثم التنقية والغربلة، ثم التحميص (للشاي الأسود). أما أنواع الشاي فهي: الأخضر والأصفر (الصيني النادر) والأبيض (الصيني النادر أيضاً)، والشاي شبه المؤكسد، والشاي الأحمر، والشاي الأسود.

الحرير


يرقة تنسج شرنقة حول نفسها
هو ليف حيواني تنتجه يرقة الحرير، التي أثناء طور تحولها إلى فراشة، تنسج حولها من لعابها شرنقة تحمي نفسها، بانتظار أن يكتمل نموها وتصبح فراشة. تتألف الشرنقة من بين عشرين إلى ثلاثين طبقة من خيوط الحرير الدقيقة، ويبلغ طولها في الشرنقة الواحدة نحو 2 كم. لاستخراج الخيوط تمنع اليرقة، قبل أن تصبح فراشة، من الخروج وذلك بقتلها داخل شرنقتها، بعد فترة تتراوح بين ثمانية وعشرة أيام من بدء تشكلها، بوضعها في ماء يغلي. يبدأ فك خيط الشرنقة بالعثور على طرفه، وهذا ما يحدث بتحريك الماء، حيث الشرانق، بواسطة عصي صغيرة تَعْلَق عليها أطراف خيوط الشرانق. ولتشكيل خيط النسيج الحريري يجري فتله مع خيوط شرانق أخرى، وهذا ما يعرف باسم غزل الحرير. عرفت الصين الحرير وإنتاجه منذ الألف الثالث قبل الميلاد، وأبقت ذلك سراً خفيّاً. ولكن الرهبان والأمراء والتجار كشفوا السر بالتجسس. أُنتج الحرير في الإمبراطورية الرومانية الشرقية في القرن السادس الميلادي لأول مرة.

طريق الحرير


هو شبكة من الطرق، ربطت بداية مدينة كسيان الصينية بإنطاكية السورية، ومن ثم بين العديد من المدن الصينية ومدن أخرى في اليونان والإمبراطورية الرومانية ومن ثم البيزنطية. كان يمر عبر ممر غانسو ومن ثم عبر أطراف صحراء تاكلاماكان القاحلة جداً، ثم يتابع إما عبر الطريق الشمالي الذي يذهب مباشرة إلى بلاد فارس أو الطريق الجنوبي الذي يمر بالهند. أغلبه بري، وأصبح بحرياً بين الموانئ. وهو شبكة تجارية كان الهدف منها أولاً تجارة الحرير. ولكن عبر هذه الشبكة كانت تنقل وتباع وتشترى الكثير من البضائع، مثل الأحجار الكريمة والبورسلان والمنسوجات الصوفية والعنبر والعاج والزجاج والعقيق والتوابل. وكان تجاره يحتكرون التبادل التجاري بين الشرق والغرب. تعود بدايته إلى الألفية الثانية قبل الميلاد، تطورت شبكته في القرن الثالث قبل الميلاد، واستمر نشاطه حتى القرن الخامس عشر عندما تطور النقل البحري حيث توقف بعدها بسبب طوله الكبير، وكثرة الوسطاء على مساره، مما كان يقتضي دفع الديّات والضرائب، هذا غير المخاطر. كان له دور عظيم بين الثقافات.

الثلاثاء، 29 يناير 2019

نمو الدماغ البشري


يبدأ الأنبوب النخاعي في التكون بعد أربعة أسابيع من عمر الجنين لينبثق عنه الدماغ والنخاع الشوكي. وتبدأ عمليات تكاثر وهجرة الخلايا وتمايزها وظيفياً وتتشكل العصبونات في الأنبوب النخاعي، ثم تهاجر لتشكل أجزاء من الدماغ. ويحتوي دماغ الطفل وقت الولادة على جميع الخلايا العصبية التي يحتاج إليها ولكنها بلا روابط. وفي السنة الأولى يتطور الحبل الشوكي وجذع الدماغ فقط، لذا يستجيب الأطفال فقط للوظائف الأساسية مثل النوم والأكل والبكاء. أثناء اتصالهم بمحيطهم، يتعلمون بسرعة أشياء مثل البحث، وتكرار الحروف الساكنة، وفهم اللغة... خلال العامين التاليين تتشكل الروابط بفضل مكون وراثي والتفاعل مع المحيط. يشغل الدماغ في الثالثة نحو 80٪ من حجمه النهائي، ويتطور الجهاز الطرفي والقشرة الدماغية جيداً. هذا يسمح للأطفال بالتعبير عن أنفسهم وتعرف العواطف واللعب وبدء الكلام. يستمر الدماغ بتطوره، وخاصة منطقة الفصوص الأمامية المتخصصة في التحكم في السلوك، والتفكير، وحل المشاكل، الخ... ويستمر الدماغ على مدى الحياة في إنتاج عصبونات وروابط جديدة، وتقويتها عبر التدريب.


كيف يعمل الدماغ؟

كيف يعمل الدماغ؟


يعمل الدماغ بفضل نقل المعلومات بين العصبونات (أو غيرها من الخلايا المستقبلة أو المستجيبة) من خلال نبضات كهروكيميائية. يحدث انتقال المعلومات هذا عبر نقاط الاتصال الشبكية، التي بواسطتها يحدث الاتصال بين العصبونات مع بعضها وبين الخلايا الدماغية الأخرى مع بعضها أيضاً، وهو اتصال يجري عبر انفراغ كيميائي ونبضات كهربائية، وعبرها يجري تبادل الناقلات العصبونية المسؤولة عن تشجيع أو تثبيط عمل الخلايا الأخرى. ومن خلال أزرار المحوارات النهائية الموجودة مباشرة قبل نقاط التماس الشبكية، يجري العصبون التواصل مع الشعيبات ومع جسيمات العصبونات الأخرى والمحوارات الأخرى. وهذا كله يستغرق ميلي ثانية واحد. وعلى التوازي وبطريقة منسقة، تجري مئات الاتصالات التي تسمح لنا بالإدراك والفهم والاستجابة للعالم على نحو كاف. نتلقى آلاف المداخل  والمخارج وتنتج الآلاف من المعلومات في غضون ثوان، وبانتظام كما في الساعة السويسرية. يمكن للمرء أن يتخيل الدماغ بمثابة كمية أسلاك هائلة ترتبط مع الجسم كله بما في ذلك الدماغ نفسه.



وظائف الدماغ

هو المسؤول عن مراقبة وتنظيم معظم وظائف الجسم والنَفْسِ، مثل الوظائف الحيوية كالتنفس، ومعدل ضربات القلب، والنوم، والجوع، والعطش أو الوظائف العليا مثل التفكير والذاكرة والانتباه والسيطرة على المشاعر والسلوك... وهو في العموم مسؤول عن تحقيق النوم والصحو، والتنفس والبلع، والنظر، والسمع، واللمس، وتناول الطعام، والقراءة، والكتابة، والغناء، والرقص، والتفكير أو الحديث بما نفكر، والحب، والكره، والمشي والركض، والتخطيط، والتصرف العفوي، والتخيل، والإبداع، الخ .... فيما يلي قائمة توجز الوظائف التي يؤديها الدماغ: 1)السيطرة على الوظائف الحيوية: كما التحكم في درجة الحرارة، وضغط الدم، ومعدل ضربات القلب، والتنفس، والنوم، وتناول الطعام ...2)يتلقى ويعالج ويدمج ويفسر المعلومات التي يتلقاها من الحواس: البصر، السمع والتذوق واللمس والشم. 3)يتحكم بالحركات والوضعية: المشي والجري والوقوف. 4)ومسؤول عن العواطف والسلوك. 5)التفكير والتأمل والإحساس والوجود ...6)التحكم بالوظائف الإدراكية العليا: الذاكرة والتعلم والإدراك والوظائف التنفيذية ...


الخلايا العصبية الدبقية


هي أكثر أنواع الخلايا وفرة في الجهاز العصبي المركزي. لديها القدرة على الانقسام في دماغ البالغين (التكاثر العصبوني). وجودها ضروري لأداء الدماغ عمله على نحو سليم. وهي تؤلف بنية الدعم الرئيسية للخلايا العصبونية، وتغطي المحوارات بمادة الميلين للوصول إلى أفضل نقل عبر نقاط الاتصال الشبكية، ولها دور رئيسي في تغذية الخلية وتساهم في آليات تجديد وإصلاح الأعصاب، وآليات المناعة، والإمساك بحاجز الدم في الدماغ، الخ. هناك عدة أنواع من الخلايا الدبقية منها الخلايا النجمية والدبقية قليلة التغضن والدبقية الميكروية الخ. تتألف المادة الرمادية في الدماغ بشكل رئيسي من الجسيمات العصبونية وشعيباتها. أما المادة البيضاء فهي المنطقة التي تسود فيها محوارات العصبونات. واللون الأبيض سببه طبقة الميلين التي تغطي معظمها.


العصبونات


هي خلايا متخصصة في استقبال ومعالجة ونقل المعلومات بين الخلايا وداخلها في الدماغ، عبر الإشارات الكهروكيميائية (النبضات العصبية). تتكون من ثلاثة أجزاء: أولاً، الجسيم(6): هو الجزء الرئيسي للخلية، يحتوي على النواة والمورثات والشبكة المنتجة للبروتينات والطاقة. وفيه تُنَفّذ معظم الوظائف الاستقلابية/الأيضية للخلية. ثانياً، المحوار(3): هو الاستطالة الخارجة من جسم الخلية، نوع من "كابل"، حيث توجد أزرار(2) في النهايات هي نقاط اتصال شبكية(5)، تنقل النبض العصبي. طول المحوار العصبي مختلف من عصبون إلى آخر: من أقل من 1مم إلى أكثر من متر، الذي عادة ما يكون للعصبونات الطرفية الحركية. بعض المحوارات (تلك الخاصة بالعصبونات الحركية والحسية) تغطى بطبقة من مادة الميلين(4) التي تسرع وتسهل نقل المعلومات. الخلايا العصبية المغطاة الأكثر بالميلين هي الأجهزة الطرفية (الخلايا العصبية الحسية والحركية) وهي التي يتعين على المعلومات أن تسلك من خلالها أطول مسار. ثالثاً، الشُعيبات(1): وهي النهايات العصبية الخارجة من الجسيم ولها شكل شجرة. وهي الأداة الرئيسية لتلقي المعلومات والتواصل بين عصبونين.



الاثنين، 28 يناير 2019

خصائص الدماغ البشري


القشرة الدماغية للدماغ البشري هي واحدة من أكثر القشر الدماغية لدى الثدييات تقدمًا وتعقيدًا. والدماغ الإنساني هو الأكبر بين الثدييات منسوباً إلى حجم أو كتلة الثديي. يمكنه أيضاً أن يلتف وينطوي فوق نفسه عدة مرات، مشكلاً تباينات وأخاديد تضفي عليه مظهراً متجعداً مميزاً. كتلة الدماغ البشري ما بين 1.4 و 1.5 كيلوغرام ويبلغ حجمه 1130 سم مكعب للنساء وسطياً و 1260 سم مكعب للرجال وسطياً دون أن يعني ذلك فارق في القدرات العقلية. وتشير التقديرات إلى أن الدماغ البشري يتكون من أكثر من 170 مليار خلية منها 86 مليار عصبون. معظمها خلايا دبقية وخلايا عصبونية. تغطي جمجمة الرأس العظمية القاسية الدماغ وتحميه من الصدمات. ويغطي الدماغ والنخاع الشوكي أغشية تسمى السحايا تحميهما من الضربات التي قد يتعرض لها الرأس. ولمزيد من الحماية للدماغ فهو "يطفو" في السائل النخاعي.



فصوص الدماغ


في الدماغ أربعة فصوص. أولها القذالي(D) المختص بالنظام البصري والتعرف على الأشكال والألوان والإشارات البصرية الأخرى. الفص الجداري(B) يشارك في اللغة (القراءة والكتابة والكلام)، وحساب ومعالجة المعلومات الحسية. والفص الصدغي(C)، القريب من الأذنين، ويشارك أيضًا في اللغة (معنى الكلمات) وفي الذاكرة المرئية بالأحرى للفص الأيمن؛ واللفظية للفص الأيسر. يتحكم الفص الجبهي(A)، المتطور خصوصاً لدى البشر، في الحركات الطوعية وقوة الإرادة واللغة والوعي الذاتي وحل المشكلات والتخطيط. يستمر نموه خلال مرحلة البلوغ. "فص خامس" يتألف من مجمل "الجملة الطرفية"، ويقسم إلى عدة مناطق. ينطوي على العواطف والنوم والانتباه وتنظيم الجسم والهرمونات والجنس والشم. وهو أيضاً مصدر الناقلات العصبية. ترتبط اللوزة (ينبغي عدم الخلط مع لوزتي الحلق) بالعديد من مناطق الدماغ المتعلقة بالفطرة والعاطفة والحواس والإدراك. يحتفظ الحُصين Hippocampus بالأحداث والوقائع لبضعة أيام قبل نقلها إلى مناطق قشرية أخرى. يحتفظ بالبيانات الجديدة، التي تجذب اهتمامنا، ويُهمل الباقي. الإجهاد المقبول القصير الأجل يعزز الاحتفاظ، أما الإجهاد المكثف فيدمره. يشارك الحصين جداً في التعلم.



مكونات الدماغ


يتكون من القشرة المخية، ومن نصفين يجمعهما الجسم الثفني (1)، وينقسم إلى فصوص دماغية (A، B، C، D)، فضلا عن بنى دفينة أخرى مثل عقدة القاعدة (2)، اللوزة، والحصين والهيئات الثديية (5). والدماغ مسؤول عن دمج جميع المعلومات الواردة عن طريق الحواس وتنظيم الاستجابة. ويسيطر على الوظائف الحركية والعاطفية وجميع الوظائف المعرفية العليا: التفكير، والتعبير العاطفي، والذاكرة، والتعلم... المخيخ (10): وهو ثاني أكبر عضو في الدماغ، يشارك أساسا في ضبط الوضعية والحركة. ما تحت المهاد (4) والغدة النخامية (5) مسؤولان عن الوظائف الحشوية مثل تنظيم درجة حرارة الجسم، والسلوكيات الأساسية مثل التغذي، والاستجابة الجنسية، والسعي إلى السرور والاستجابة العدوانية...الغدة الصنوبرية (11): مسؤولة (من بين وظائف حشوية أخرى) عن مزامنة تحرير هرمون الميلاتونين وتنظيم دورات النوم/اليقظة. الجذع الدماغي: الدماغ الحبل الشوكي (9)، والقناة الشوكية (8)، والجسر (7) والمخ الأوسط. يضبط الجذع الوظائف التلقائية مثل ارتفاع ضغط الدم أو معدل ضربات القلب والحركات الطرفية وظائف الحشوية مثل الهضم أو التبول.



شامبليون Champollion

شامبليون بزي مصري

ولد في فرنسا عام 1790. أتقن صبياً العديد من اللغات منها اليونانية واللاتينية والعربية والسريانية والقبطية. كان اهتمامه الأول هو التاريخ المصري، وكان يردد: "كلي لمصر وهي كل شيء بالنسبة لي". أمضى حياته يدرس القبطية الهيروغليفية ويحاول فك رموزها الذي بدأه منذ عام 1821 بتعرفه على بعض محتويات المراسلات الملكية العائدة إلى بطليموس الخامس والموجودة على حجر الرشيد، ولفائف تعود لكليوباترا وكتابات على مسلة وبعض أوراق البردى ثنائية اللغة: الهيروغليفية والإغريقية. تمكن من فك نص حجر الرشيد بالاستعانة باليونانية. ساعدته مكتشفات معبد أبو سمبل والكتابات الموجودة على جدرانه حيث تعرّف على كلمات "رع" و"رمسيس" وعلى جملة تقول بأن "رع هو من أتى برمسيس إلى العالم"، وتعرّف أيضاً إلى "تحتمس". وفي عام 1828 قام برحلة إلى مصر تمكن خلالها من التحقق من نظامه الهيروغليفي وصحته. عاد إلى فرنسا عام 1829 حاملاً معه مرض الملاريا وتوفي عام 1832. 

حجر الرشيد


اصطحب نابليون أثناء حملته إلى مصر عام 1798 مجموعة من العلماء والباحثين والمؤرخين بهدف كشف أسرارها وكنوزها ودراسة إمكانية فتح قناة تربط البحر الأحمر بالمتوسط. عثر جندي بالقرب من مدينة رشيد، عام 1799، على حجر بازلتي أسود نقشت عليه ثلاثة مقاطع نصية قديمة مختلفة: يونانية وهيروغليفية وديموطيقية (المصرية الشعبية القديمة). استحوذ البريطانيون بهزمهم نابليون عام 1801 على الحجر ليعرض في المتحف البريطاني في لندن منذ عام 1802. اكتشف علماء الآثار من الكتابة اليونانية أن النصوص تخص تكريم بطليموس الخامس في القرن الثاني قبل الميلاد، وأن الكتابة اليونانية تشير إلى أن المقاطع الثلاثة بلغاتها المختلفة تحمل المعنى نفسه، ولذلك حمل هذا الحجر مفتاح لغز الكتابة الهيروغليفية الميتة. انكبت مجموعة من العلماء على دراسة الحجر وتحليل النص الهيروغليفي حتى تمكن الفرنسي شامبليون من فك شفرة اللغة مستعيناً بالنص اليوناني. فتحت ترجمة كتابات حجر الرشيد الباب أمام دراسة اللغة والتاريخ والثقافة المصرية القديمة التي كانت مستعصية. 

الأحد، 27 يناير 2019

التجربة العلمية

تهدف إلى إثبات حقيقة عامة، وهي علمية بمعنى التجربة التي تقود إلى نتيجة ستكون هي نفسها بتكرار التجربة، والتي يمكن لأي كان أن يكررها ويتأكد من نتائجها المعلنة. ولهذا الغرض توضع شروط وخطوات للتجربة يجب احترامها، وهي شروط يمكن تحقيقها في أي مكان وزمان. وليس من المؤكد الحصول على النتائج المزعومة في خارج هذه الشروط وتلك الخطوات. فتجربة التحقق من درجة حرارة غليان الماء لا تكون بمجرد وضع ماء في إبريق وتسخينه حتى الغليان. فهذه التجربة تتطلب أولاً تحديد طبيعة الماء المغلي(نسب الأملاح!)، والضغط الجوي ثانياً، ونوع الإناء الذي يغلي فيه الماء ثالثاً، ورابعاً نوع مقياس الحرارة، وأخيراً تعريف الغليان (ظهور أول فقاعة!!)، وربما شروطاً أخرى. تتطلب التجارب العلمية التحقق منها مرات ومرات قبل اعتماد نتائجها.

التجارب الميدانية


وهي تجارب علمية تخضع لمحددات صارمة تسمح بالوصول إلى مؤشرات تعرب عن وضع أو حالة ما، مثل الرغبة في الهجرة بحثاً عن عمل. تجرى هذه التجارب في العلوم الإنسانية مثل علم المجتمع، التي يتعذر فيها إجراء سبر عامة الناس. لذا تُعدُّ استمارات أسئلة ترسل إلى عينة من الناس، تحلل الإجابات إحصائياً، وتحسب هوامش الخطأ في الخلاصات، ويمكن اللجوء إلى التحقق منها عبر سبر عينة تحقق. يجب إعداد الاستمارات بعناية ودقة ودراسة مختلف احتمالات إساءة فهم أسئلتها، وكذلك احترام قواعد اختيار العينات حتى لا تظهر النتائج انحرافاً خاطئاً (كبار السن والرغبة بالهجرة مثلاً)، ورفدها بالمقابلات الميدانية إن تطلب الأمر (الهجرة والأشخاص الذين لا يجيدون القراءة والكتابة). كما يجب احترام قواعد أخرى تضمن حيادية السبر، مثل الإغفال في مصدر الاستمارة وفي المجيب حتى لا نقع في محاباة الإجابات والانحياز في تحليل الإجابات.


التجربة الفعلية والذهنية


يمكن أن تكون التجربة العلمية تجربة عملية فعلية مثل قياس سرعة الضوء أو  التباطؤ الإشعاعي للكربون14، أو أن تكون ذهنية تخضع للمحاكمة العقلية. كلاهما يؤديان إلى إثبات حقيقة أو حقائق، وكلاهما قابلتان للتكرار، وإن كان تكرار الثانية لا يتطلب سوى المحاكمة الفكرية واستحضار تسلسل أفكارها. فكروية الأرض التي توصل إليها الإنسان فكرياً كانت على أساس محاكمات فكرية دون التمكن من مشاهدة الأرض عن بعد والتأكد من كرويتها، الأمر الذي أتاحته الرحلات الفضائية. من أشهر التجارب الذهنية تجربة غاليليو وبرهنته على أن الأجسام تسقط بالسرعة نفسها، صغيرها وكبيرها. ومن بين أعظم النظريات التي أقيمت عبر التجربة الذهنية هي نظريتا النسبية لآينشتاين اللتان لم يجري التحقق منهما إلا جزئياً حتى اليوم. ونظريات الرياضيات هي أعمال محاكمة عقلية لا سند تجريبي لها، ولم تقل الوقائع بخطئها. نسبة كبيرة من أعمال نيوتن ذهنية الأصل، وحكاية اكتشافه للجاذبية بسقوط التفاحة يبدو أنها بلا أصل.

سقوط الأجسام/غاليليو


قال غاليليو بأن الأجسام الصغيرة (حبة العدس) والكبيرة (صخرة) تسقطان باتجاه الأرض بالسرعة نفسها، أي إذا أُلقيتا من الارتفاع نفسه واللحظة نفسها سيصلان إلى الأرض في الوقت نفسه. وهو قول بعكس الشائع وقتها والمتصوّر حتى اليوم. إذ يسود، أو كان سائداً، الاعتقاد بأن الجسم الأثقل سيصل إلى الأرض قبل الخفيف. ولكنه قال (التجربة الذهنية): إذا كان الأمر كذلك، فلنربط الخفيف بالثقيل بخيط واه فعندها سيقاوم الخفيف الهبوط السريع إلى الأرض جاعلاً من هبوط الجسمين المربوطين بالخيط الواهي أقل سرعة من هبوط الجسم الثقيل لوحده، ولكن لو نظرنا إلى الأمر من جهة أخرى (ودائماً من خلال النظرة السائدة) فإن الجسمين معاً أصبحاً أثقل من الجسم الثقيل لوحده، وعليه فيجب أن يهبطاً إلى الأرض بسرعة أكبر من سرعة الجسم الثقيل. وهنا نصل إلى تناقض يعني أن النظرية السائدة غير صحيحة. ومنه ضرورة أن الأجسام تسقط بالسرعة نفسها. لم يجر غاليليو تجربة فعلية لتأكيد ذلك لقصور أدوات القياس في ذلك الوقت.