الإسكندر المقدوني

أو الإسكندر الكبير. ولد عام 356 ق.م. يقال إنه كان تلميذ أرسطو. ورث الحكم عن أبيه فيليب الثاني عام 336، وورث دولته القوية وجيشه المدرب ومشروعه في توحيد بلاد الإغريق. وللدفاع عنها وحمايتها مضى في حروبه مع الفرس الذين كانوا في الأناضول. فكانت معركة الغرانيكوس شمال غرب تركيا اليوم عام 334 ق.م. تابع منها مسيرته حتى التقى جيش داريوس الثالث عام 333 ق.م في موقعة إسوس شمال الإسكندرون السورية. تابع طريقه بعدها إلى فينيقيا فمصر ومنها عاد ماراً بدمشق فنصيبين فغوغميلا حيث وقعت معركة أخيرة مع الفرس عام 331 ق.م، انتهت الدولة الأخمينية على إثرها. تابع طريقه بعدها جنوباً حتى شواطئ نهر السند وخاض معارك كثيرة. ولكن جنوده رفضوا التقدم لأكثر من ذلك فعاد أدراجه ليموت في مدينة بابل عام 323 ق.م إثر مرض على الأرجح. بنيت أكثر من عشرين مدينة باسمه أشهرها الإسكندرية المصرية. أثرّ في ثقافة المناطق التي وصلها بنشره للثقافة الهلنستية.

أمواج الجذب

وهي اهتزازات انحناء الزمان-مكان التي تنتشر حتى مسافات كبيرة بعيداً عن مكان تشكلها. أعلن وجودها آينشتاين عام 1916 كنتيجة لنظريته النسبية العامة، وقال بأنها على شاكلة الأمواج الكهرطيسية التي يحملها الفوتون، تسير بسرعة الضوء. ولم يكن ذلك باتفاق الفيزيائيين كلهم. ولقياس هذه الأمواج، إن وجدت، أقيم في الولايات المتحدة "مرصد أمواج الجذب بالتداخل الليزري Laser Interferometer Gravitational-Wave Observatory"، عمله هو "لاقط لاهتزاز الفضاء" يرصد الفروق بين موجتين منعكستين، من أصل واحد، عند طرفي أنبوبين متعامدين. سبب الفرق هو أمواج الجذب الناتجة عن رقص ثقبين أسودين حول بعضهما ينتهي بانفجارهما. وهو ما كان منذ نحو 1.2 مليار سنة، بحسب نتائج رصد جرت في أيلول عام 2015، وأكدها مرصد أمريكي آخر ومرصد إيطالي ثالث. وبذلك حُسمت مسألة وجود هذه الأمواج، ونال كل من رينر وايس (1932-) وباري باريش (1936-) وكيب ثورن (1940-) جائزة نوبل عام 2017 عن إنجازهم لهذا القياس.

أندريا فيزاليوس

طبيب وعالم تشريح (1514-1564) بلجيكي هولندي. درس الطب وكانت أطروحته بعنوان "تعليق على كتاب الرازي التاسع". درّس في جامعات إيطالية مثل جامعة بادوا وبولونيا، وأصبح طبيب الإمبراطور شارل الخامس وابنه فيليب الثاني من بعده. اهتم بتشريح الجسم الإنساني ودراسة تفاصيل كثيرة مثل الدورة الدموية وآليتها. وكانت دراساته بتوازٍ مع دراسات وأعمال جالينوس التي انتقدها كثيراً مع اعترافه بقيمتها. فقد عرف أن جالينوس لم يشرّح جسم إنسان لأن ذلك كان ممنوعاً في روما في أيامه، وإنما قام بتشريح القرود ومنه قام بتعميمات بسبب مشابهتها للإنسان. وهذا ما جعله يخطئ مرة ثانية في مسألة الفك السفلي الذي كان جالينوس يعتقده مؤلفاً من عظمين وليس عظم واحد. ولكن كثرة من الأطباء كانوا ضد آرائه لصالح جالينوس. كما عارضه رجال الدين لرفضه بعض العلاجات التقليدية. سافر إلى القدس للحج، ربما لإظهار إيمانه وإيقاف الحملات ضده. ولكن عاصفة ضربت سفينة عودته فألقتها على إحدى الجزر اليونانية حيث توفي.

فرانسوا فييت

رياضياتي فرنسي (1540-1603). من عائلة برجوازية. درس القانون أولاً وتقلد وظائف عديدة، أيام الملك شارل التاسع وهنري الثالث، ذات صلة بالقانون والقضاء. ولكنه درس الرياضيات كهاوٍ على التوازي مع عمله. كانت أعماله مجددة مما أكسبه احترام رياضياتي ذاك الزمان من الفرنسيين. أصلح ما كتب في الهندسة من أعمال تنسب إلى ديوفانتوس وأبولونيوس. ووسع أعمال ابن سنان البتاني الخاصة بجيب الزاوية والمثلثات الكروية. نشر في عام 1591 كتاباً في اللاتينية عالج فيه مسائل جبرية وكيفية حلها بالانتقال من الحلول العددية على طريقة العرب إلى الطرق الهندسية اعتماداً على أعمال إقليدس. كان أو من استعمل الحروف x,y... في صياغة محددات العمليات. أثرت أعماله في الكثيرين ممن جاؤوا بعده مثل ديكارت وفيرما ونيوتن. عمل في مسائل التشفير، واهتم أيضاً بالفلك وقال فيما يبدو أن مسارات الأجرام بيضوية قبل كبلر.

مكتبة الإسكندرية

أو مكتبة الإسكندرية الكبيرة. كانت جزءاً من معهد للبحث والفكر. بدأ بناؤها أيام بطليموس الأول رفيق الإسكندر المقدوني الذي آل إليه حكم مصر. افتتحت عام 283 ق.م. ضمت فيما يقال 400 ألف كتاب. خصصت لها ميزانية لمصاريف الباحثين العاملين فيها الذين كانوا في بداية نحو ثلاثين باحثاً، ولشراء الكتب ونسخها. عمل فيها الكثير من العلماء وأقطاب الفكر الإغريقي في ذلك الوقت. ومن بينهم إيراتوستن الذي حسب قطر الأرض، وكذلك أرخميدس فيما يقال. لا يعرف موقعها بالضبط اليوم، وما كتب عنها يعود إلى القرن الثاني الميلادي، ومن ثم فلا يمكن الجزم بكثير من الروايات حولها. تعرضت للحرائق والكوارث عدة مرات، من بينها أثناء دخول يوليوس قيصر الإسكندرية وحربه ضد بطليموس شقيق وزوج كليوباترا. تراجع الدعم المالي مع الإمبراطورية الرومانية فتراجعت أعمال المكتبة وباحثيها. دمرت المكتبة أثناء حرب الرومان ضد زنوبيا التي كانت الإسكندرية تابعة لها. أما حرق عمر بن العاص لها فلا يؤكده أي مؤرخ معاصر.

ابن سنان البتاني

فلكي ورياضياتي (858-929). من بلدة بتان من منطقة حران، يكنى بالصابئي. تعلم الفلك على يد والده الذي كان صانعاً للأدوات الفلكية. تنقل بين دمشق وبغداد وإنطاكية ليستقر بعد ذلك في الرقة السورية ويموت فيها. له مؤلفات مشهورة بقيت معتمدة في أوروبا حتى القرن السابع عشر ويسمونه Albategnius. من أشهر مؤلفاته "كتاب الزيج"، أي كتاب الجداول الفلكية. صحح حسابات بطليموس في العديد من المواقع. وقال بأن الشمس يتغير بعدها عن الأرض بحسب الفصول. وحسب ميل محور الأرض فوجده 23 درجة و 35 دقيقة، وهو رقم دقيق إذا أخذنا بالاعتبار أن هذا الميل يتغير بأقل من ثانية سنوياً. كما قال بأن السنة هي 365 يوماً و5 ساعات و 48 دقيقة و 24 ثانية (أي بخطأ 22 ثانية!). رصد أكثر من 489 نجماً. استخدم المثلثات في حساباته بدلاً من المسافات كما فعل بطليموس. علاقاته المثلثاتية لا تزال مستعملة حتى اليوم. ترجمت أول كتبه إلى اللاتينية عام 1116. تأثر بأعماله براهي وذكره كوبرنيق في كتابه.

الذهب

عنصر كيميائي، عدده الذري 79، ورمزه Au، مشتق من اللاتينية من كلمة "الذهب". وهو معدن انتقالي، أقل تفاعلاً من الكثير من المعادن، ويمكن للماء الملكي أن يؤثر فيه، وكذلك بعض المحاليل القالية. ينحل في الزئبق دون التفاعل معه. كتلته الحجمية 19.3 غرام للسنتمتر المكعب. لونه أصفر معدني بانعكاس الضوء على سطحه، وأزرق مخضرّ في وريقاته الشفافة. ينصهر عند الدرجة 1064 مئوية، ويغلي عند الدرجة 2856 مئوية. وهو ناقل كهربائي وحراري جيد، يسهل تشكيله في صناعة الحلي. وهو ما حدث منذ نهاية العصر الحجري الحديث. كما استخدم من حينها كقطع نقود. تشكّل في الفضاء الخارجي، ولكن معظمه وصل الأرض في فترة لاحقة من بدء تشكلها. يمكن تشكيله صناعياً ولكن بكلفة أعلى من كلفة الطبيعي منه. مجموع ما اجتمع منه حتى عام 2015 نحو 186 ألف طن، ربعها تقريباً في المصارف المركزية العالمية لاستخدامه كأداة تنظيم اقتصادي. أكثر الدول إنتاجاً له حالياً هي الصين وأستراليا والولايات المتحدة وروسيا وأفريقيا الجنوبية. يستخدم في الطب والإلكترونيات الدقيقة خاصة.

الطبولوجيا

 حبل مغلق الطرفين وبعض تشكيلاته الممكنة. يمكن وضع الإصبع على اي نقطة من أي من هذه المنحنيات والسير وفق المنحني والعودة إلى نقطة البدء  

فرع من الرياضيات يسمح بدراسة وتصنيف الأشياء الهندسية وفق مواصفاتها وليس مظهرها. فالمحني غير المغلق يكافئ قطعة مستقيمة، لأنه يمكن الوصول إلى القطعة المستقيمة من المنحني بإجراء بعض التحويلات (من ثني وبسط وشد وفك عقد الخ، أو ما نسميه تحويلات). يحلو للبعض أن يسميها "هندسة المطاط". وفيها يكافئ أي منحني مغلق دائرة مهما كان هذا الشكل المغلق عبر الضغط هنا والشك هناك، وذلك بإجراء تحويلات مناسبة أيضاً. وكذلك البالون المنفوخ الذي يمكن الضغط عليه هنا أو هناك (بدون أن ينفجر بالطبع) ليبقى في كل حالاته مكافئاً للبالون في وضع الراحة. ولكن يجب الانتباه إلى أنه لا يمكن للمنحني المغلق أن يكافئ القطعة المستقيمة إلا إذا جرى كسره، هذا غير مقبول في هذه الهندسة. تستخدم هذه الرياضيات في الكثير من العلوم مثل الفيزياء، لدراسة المواد ومظاهرها مثلاً، انطلاقاً من تحويلات معتمدة ومدروسة جيداً في هذه الرياضيات تسمح بالانتقال من شكل إلى أخر أو من طور للمادة إلى طور آخر.

أوكام

رسمه كما وجد على إحدى مؤلفاته

هو غييوم أوكام (1285-1347)، فيلسوف وعالم منطق وعالم لاهوت بريطاني. يعتبر الممثل الأعلى للمدرسة الاسمية التي تقول بأن المفاهيم (الجمال، الإنسانية...) هي أسماء مشتقة من اللغات البشرية لا مقابل لها في الطبيعة ولا توجد أشياء تحمل هذه المفاهيم في كنهها. حاربت السلطات الدينية أفكاره لأنها تشكك بمسلمات اللاهوت التقليدية، وخاصة المسلمات العلمية، لأنها تعرّض براهين الوجود الإلهي للانتقاد. تعتبر فلسفته مقدمة للعلم الحديث والتجريبية البريطانية والفلسفة التحليلية، التي تعتمد على المنطق الصارم وتعالج مسائل الحياة الراهنة. قال بافتراق العقل عن الإيمان وأن لا رابط بين الاثنين. وباسمه يعرف مبدأ نصل أو شفرة أوكام القائل بضرورة "حذف التفسيرات غير المحتملة للظاهرة"، او ما يقابله بلغة اليوم "تفضيل الفرضيات الكافية الأبسط" أو خير الكلام ما قل ودلّ. كما انتقد السلطة الزمنية للبابا. اهتم بالعلم، فهو من أدخل ما يسمى بالحركة الديناميكية التي يكتسبها جسم بدفعنا إياه مثلاً، والحركة الطبيعية الناتجة عن تفاعل الأشياء كسقوط تفاحة. ترك العديد من المؤلفات.

النبّاض

Pulsar، هو جسم فلكي، نجم نتروني، يطلق إشارة كهرطيسية دورية قصيرة عموماً (نبض) ترتبط بدورانه السريع جداً حول نفسه، بمعدل ألف دورة في الثانية الواحدة أحياناً. وهذه الإشارات تكون مستقرة جداً، بسبب ثبات دوران النجم النتروني، وإن كان ينخفض قليلاً جداً مع الزمن. وهذه النجوم النترونية ناشئة عن انفجار نجم ضخم جداً، سوبرنوفا، ينجم عنه إما ثقب أسود أو نباض. وبالرغم من أن فترة حياة النجم النتروني هي بلا نهاية، إلا أن نبضاته تضعف بعد عدة ملايين من السنين. اكتُشف عام 1967 بطريقة عرضية، وحاز مكتشفاه على جائزة نوبل في الفيزياء، دون طالبة الدكتوراه "جوسلين بل" التي لا اتفاق حتى اليوم على دورها في هذا الاكتشاف. سمح هذا الاكتشاف باختبار النسبية العامة وفيزياء خواص المادة المتكاثفة (غير السائلة أو الغازية)، وكذلك بنية مجرة درب التبانة وأيضاً السوبرنوفا. يُعرف منها نحو ألفي نباض حتى عام 2007، معظمها في مجرة درب التبانة أو غيوم ماجلان. منها أنواع كثيرة أكبرها النبّاض الراديوي.

النجم النتروني

هو جرم مؤلف من النترونات أساساً مع قليل من الإلكترونات والبروتونات. وهو من بواقي الانهيار الجذبي لداخل نجم هائل عندما تنفذ مادة الاحتراق النووي فيه. هذا الانهيار هو ما يسمى بالسوبرنوفا، الذي يترافق بانفجار الطبقات الخارجية للنجم التي تتباعد بين النجوم. والباقي المتراص لا يبقى منه كنجم إلا الاسم، إذا لا تفاعلات نووية في داخله، وبنيته الداخلية تختلف عن أي نجم عادي. كثافته هائلة، وتبلغ كتلة اللتر الواحد منه نحو ألف مليار طن. تكون كتلته ضعفي كتلة الشمس وسطياً، مع أن قطره لا يزيد عن أربعين كيلومتراً. وعند ولادة هذه النجوم تكون سرعة دورانها حول نفسها عالية جداً، عشرات المرات في الثانية الواحدة، وحقلها المغناطيسي كبير جداً. رُصد منها ثلاثة آلاف حتى عام 2019، معظمها على شكل نبّاض، وقلة منها كمصدر لأشعة سينية.

السوبرنوفا/النجم الجديد

البقعة البيضاء في أسفل ويسار الصورة خارج مجرتها الحلزونية SN194D 

وسمي كذلك لظهوره المفاجئ في السماء براقاً وكأنه نجم جديد. وهو في الواقع نجم في نهاية حياته، ينفجر انفجاراً هائلاً يترافق بزيادة ضخمة في إضاءته لمدة وجيزة، ولكنها تدوم مرئية لأشهر أحياناً، ويمكن رؤيتها في وضح النهار أحياناً. وهو أمر يحدث في الكون بمعدل مرة كل ثلاث ثوان، ولكن نادراً ما نراها. فحدوثها في مجرة درب التبانة هو بمعدل مرة إلى ثلاث مرات كل قرن. ولم يشاهد أي منها منذ اختراع المنظار الفلكي. شوهدت في عام 1987 في مجرة قريبة هي مجرة غيوم ماجلان الكبيرة. لها دور في تاريخ الكون بتحريرها لمخزونها من مواد تتطاير في الفضاء بين النجوم مشكلة سديماً قد يدوم لمئات آلاف السنين (فيديو)، كما أن اهتزاز الصدمة الناجم عن الانفجار يؤدي إلى تسريع تشكل نجوم جديدة. وهي تنشأ إما عن انفجار نووي-حراري لنجم قزم أبيض، أو عن تفتت نجم هائل لا تزال تجري فيه تفاعلات نووية، انهار بسبب كتلته التي أضحت هائلة، ويسمى بسوبرنوفا انهيار القلب.

الطبقات الإلكترونية

وهي طبقات الإلكترونات في ذرات المواد. عدد الطبقات يرتبط بالعدد الذري للمادة، ولا يمكن أن يتجاوز الرقم سبعة. وتكون الإلكترونات في كل طبقة موزعة وفقاً للعلاقة: عدد الإلكترونات =ضعف مربع رقم الطبقة. أي سيكون إلكترونان في الطبقة الأولى، وثمانية في الطبقة الثانية، وثمانية عشر في الطبقة الثالثة وهكذا حتى ثمانية وتسعون في الطبقة السابعة. أعطيت لهذه الطبقات أسماء من الحروف اللاتينية Q, P, O, N, M, L, k. وكل طبقة تقسم إلى طبقات جزئية بأسماء

  d(10), p(6), s(2) ,(g(18), f(14 

تتضمن كل منها عدد من الإلكترونات كما في داخل الأقواس. تسمى الطبقة الأخيرة في أي ذرة، باستثناء العناصر الانتقالية، بطبقة التكافؤ التي يحدد عدد إلكتروناتها الخواص الكيميائية للذرة. والعناصر الكيميائية التي تحتوي طبقة التكافؤ فيها إلكتروناً واحداً هي العناصر الأكثر تفاعلاً مثل ذلك الهيدروجين والمعادن القالية مثل الصوديوم والبوتاسيوم والنتروجين وغيرها. أما المواد التي تمتلئ طبقتها الأخيرة بالإلكترونات فتكون خاملة كيميائياً، مثل غاز الأرغون.

روجر بيكون

فيلسوف وعالم خيمياء إنكليزي عاش بين عامي 1214-1294. يعتبر أحد آباء المنهج العلمي بفضل استعادته وتطويره لدراسات ابن الهيثم وأعماله. وهو القائل بأن "ليس لأي مقال أن يكون يقيناً، فكل شيء يتوقف على التجربة". والتجربة بالنسبة له يمكن أن تكون علمية أو دينية. فهو في حياته كان راهباً ومدرساً في باريس أولاً ثم في أكسفورد. اهتم بدراسة اللغات العبرية واليونانية والعربية والآرامية، كما درس الرياضيات والضوء والفلك. انتسب عام 1256 إلى الرهبنة الفرنسيسكانية. ولكنه لم يكن على علاقة طيبة مع مسؤول دراساتها في بريطانيا فحجبت أعماله. ولكنه عاود دراساته وأعماله برعاية صديقه البابا كليمنت الرابع. كان يحلم بجامعة في باريس تقوم على المعرفة، ليست الأرسطوية فقط وإنما على العلوم العربية ممثلة بشخصياتها مثل ابن سينا وابن رشد. ساءت أموره بعد وفاة البابا، ومنعت كتاباته وسجن بين عامي 1277 و 1279. عاد إلى أكسفورد نحو عام 1280 حيث ألف كتابه "موجز الدراسات اللاهوتية" ملخصاً فيه آراءه الفلسفية واللاهوتية.

جائزة نوبل في الآداب لعام 2017

فاز بها البريطاني الياباني كازيو إيشيغيورو (1954-) الأديب وكاتب السيناريو، الذي قدم إلى بريطانيا مع عائلته وله حيث كبر وتعلم في مدارسها وجامعاتها التي درس فيها الأدب والفلسفة. كانت أول رواية له عام 1982 بعنوان "ضوء باهت على الهضاب"، التي كانت وراء حصوله على جائزة الجمعية الملكية للآداب.  وآخر أعماله رواية "العملاق الهارب" التي نُشرت عام 2015، "يسبر فيها كيف ترتبط الذكريات بالنسيان، والماضي بالحاضر، والخيالي بالحقيقة" كما جاء في إعلان لجنة نوبل للآداب التي أضافت: "كشف برواياته ذات القوة العاطفية الهوة إزاء شعورنا الواهي بالراحة في العالم". وأضافت أيضاً أن مواضيعه المفضلة هي "الذكرى، والزمن، والخيبة"، خيبة الأمل طبعاً. أما هو فقد علق على فوزه بالجائزة: "إنه لشرف عظيم، ذلك لأن هذا يعني أساساً بأني على خطى أكبر الكتاب الذين عاشوا. إنها تهنئة رائعة". ولكن هذا لا يعني تراجعه عن الشعور بالخيبة، الخيبة التي تظهر الآن واضحة في كثير من ثنايا الحياة الإنسانية.

جائزة نوبل في السلام لعام 2017

فاز بها الإتلاف الدولي للتخلص من السلاح النووي (International Campaign to Abolish Nuclear weapons, ICAN). جاء في بيان لجنة نوبل للسلام النرويجية: "إننا نعيش في عالم يسكنه خطر استخدام السلاح النووي بأكثر من أي وقت. بعض الدول تحدّث ترساناتها النووية، وخطر أن تحوز على السلاح النووي دولٌ أخرى هو خطر حقيقي، كما تثبت ذلك كوريا الشمالية" ودعا البيان دول العالم إلى "مفاوضات جديّة" بقصد التخلص من ترساناتها. الإتلاف الدولي هذا هو تجمع لمنظمات غير حكومية يقارب عددها 450 منظمة من 95 دولة. صاغ هذا الإتلاف بالتعاون مع مجموعة من الدول في هذا العام معاهدة تاريخية لمنع السلاح النووي وافقت عليها 122 دولة في تموز الماضي في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وسيكون لها وقع القانون الدولي حال مصادقة خمسين دولة عليها، وهو أمر قد يستغرق بعض الوقت. ولكن الدول النووية لم تُعرْ هذه المعاهدة أي انتباه، وهي: الولايات المتحدة وروسيا والصين والهند وباكستان وإسرائيل وفرنسا وبريطانيا وكوريا الشمالية.

جائزة نوبل في الطب لعام 2017

فاز بها الأمريكيون جيفري هول (1945-) ومايكل روزباش (1944-) ومايكل يونغ (1949-) عن أعمالهم الخاصة بالساعة البيولوجية و"لاكتشافهم آليات الجزيئات التي تنظم الإيقاع اليومي" الذي يدوم 24 ساعة ويسمح للكائنات الحيّة بالتكيّف مع مختلف أوقات الليل والنهار. يستند استقلاب (أيض) مجموعة الكائنات الحيّة على ساعات داخلية لديها. والساعة الرئيسية لهذه الساعات الداخلية تمتد على 24 ساعة تقريباً، أي ما يقابل اليوم الأرضي. وفي مثل هذه الدورة يمر جسم الكائن الحي بفترات نشاط ونعاس، ودرجة حرارة قصوى وأخرى دنيا، وكذلك بالنسبة لضغط الشرايين، والنمو خلال اليوم البيولوجي. يساعد في ذلك إيقاع ضوء النهار، ولكن إيقاع الساعة البيولوجية يستمر في تنظيم ما سبق حتى لو انقطع الضوء، وهو ما لوحظ حتى عند بعض النباتات التي لها أن تقاوم غياب الضوء لمدة أسبوع دون أن تتعرض دورتها لخلل واضح. كان دور الفائزين باكتشاف مورثات وآليات عمل ساعات الكائنات الحية.

جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2017

فاز بها البريطاني ريتشارد هندرسون (1945-) والأمريكي جواشيم فرانك (1940-) والسويسري جاك دوبوشي (1942-) اعترافاً بعملهم على "تطوير مجهر التبريد الإلكتروني الذي يسمح بمشاهدات الجزيئات المؤلفة للخلية الحيّة بالأبعاد الثلاثة". وهو مجهر يستخدم الإلكترونات أو أشعة من الإلكترونات التي تطلق على الجسم المراد تكبير صورته، وهذه الإلكترونات تصدر موجات أقصر بكثير من الأمواج الضوئية عند ارتطامها بالجسم المعني، مما يسمح بتكبير صورة الجسم على نحو كبير للغاية، الأمر الذي يسمح برؤية الإلكترونات نفسها تقريباً. ولكن التكبير الإلكتروني يعترضه مشاكل كثيرة: 1) إن شعاع الإلكترونات قد يحرق الجزيء العضوي الذي نريد مشاهدتها. 2) أن التكبير يجب أن يكون في وسط مفرغ بحيث لا يمتزج الجزيء مع جزيئات أخرى. كما أن البروتينات لا تحتمل الوسط المفرغ عموماً. 3) على البنى الجزيئية التي يراد مشاهدتها ألا تتحرك وأن تكون مصفوفة جيداً لرصدها. اكتشف السويسري طريقة تبريد الجزيئات ومنعها عن الحركة. واكتشف الأمريكي كيفية رصف الجزيئات. وأنجز البريطاني التكبير وبالأبعاد الثلاثة.

جائزة نوبل في الاقتصاد لعام 2017

فاز بها الأمريكي ريتشارد تالر (1945-) عن أعماله حول الآليات النفسية والاجتماعية التي تقف وراء قرارات المستهلكين والمستثمرين. فغالباً ما اعتبر الإنسان بأنه عقلاني ولديه كامل المعلومات وأن سيّد قراره وأنه يعرف صالحه. ولكن هذا ليس صحيحاً، فهو ذو عقلانية محدودة وخياراته الاجتماعية متحيزة عموماً، وهو لا يضبط نفسه دائماً. جاء في بيان لجنة نوبل للاقتصاد أن تالر قد "نظّر لمفهوم المحاسبة الذهنية Mental accounting" التي تشرح طريقة الأفراد في "تبسيط اتخاذ القرار في الأمور المالية بخلقهم لحيزات منفصلة في رؤوسهم في عملية تركيزهم على أثر كل قرار فردي بدلاً من الأثر الكلي". وهذا أمر يظهر مثلاً عند هؤلاء الذين يتوقفون عن العمل بمجرد كسبهم ما يقدرونه ضرورياً ليومهم. كما "أظهر أيضاً كيف يمكن لكراهية الخسائر أن تفسر سبب إيلاء الأفراد قيمة أكبر لشيء إذا كانوا يملكونه مما لو كانوا لا يملكونه". فحصولهم على زيادة في رواتبهم سيبهجهم وإن كانت بأقل من التضخم، وخفض رواتبهم حتى لو انخفضت الأسعار سيمقتونه.

جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2017

فاز بها ثلاثة فيزيائيين أمريكيين هم: رينر وايس (1932-) وباري باريش (1936-) وكيب ثورن (1940-)، وذلك لرصدهم الأول والتجريبي المباشر لأمواج الجذب، وفقاً لإعلان اللجنة. أعلنت نتائج هذا الرصد في شباط عام 2016، وهو رصد كان قد بدأ منذ عام 2015، أي بعد مائة سنة على إعلان نظرية آينشتاين العامة الخاصة بالجاذبية التي جاء فيها أن الجاذبية تؤدي إلى تغيرات في الزمكان (فضاء الزمان-مكان) وأن لأمواج الجذب حامل اسمة "غرافيتون" مثل فوتون الضوء. والضوء كما هو معروف عبارة عن أمواج كهرطيسية يمثلها الفوتون كجسيم. وعلى خلاف الأمواج الكهرطيسية، فإن أمواج الجذب ضعيفة جداً جداً وبمليارات مليارات المرات عن أمواج الضوء، مما يجعل التقاطها وقياسها أمراً بالغ التعقيد.

جائزة نوبل في الآداب لعام 2016

فاز بها المغني والشاعر الأمريكي بوب ديلن (1941-) "لأنه تمكن ضمن إطار التقليد العظيم للموسيقى الأمريكية من خلق طرائق جديدة للتعبير الشعري" بحسب ما جاء في إعلان اللجنة. وهذه هي المرة الأولى التي يمنح فيها مغنِ شاعر وموسيقي جائزة نوبل للآداب منذ بدايتها عام 1901. وقالت أمينة اللجنة إن "بوب ديلن يكتب شعراً للأذن"، وهو من نمط شعراء مثل شاعر القرن التاسع عشر البريطاني ويليام بليك على حد قولها. وأضافت "إنه حاذق جداً في صناعة القافية. إنه عينة أدبية يستدعي التقاليد الرائعة وله إمكانية مزاوجة موسيقى من أنواع مختلفة ونصوص من أنواع مختلفة بطريقة جد خلاقة". وهو يقول بنفسه "إن الأغاني لا تأتي عن طريق السحر، ولم أؤلفها من لا شيء. لقد تعلمت كتابة الكلمات وسماع الأغاني الشعبية. وقد غنيتها ... ولم أغني شيئاً سوى الأغاني الشعبية، التي فتحت لي سرّ كل ما هو ثمين، كل ما ينتمي إلى كل الناس".

جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2016

فاز بها الفرنسي جان بير سوفاج (1944-) والبريطاني السير جيمس فرازر ستودارت (1942-) والهولندي برنارد فرنغا (1951-) لتصميمهم وتركيبهم جزيئات قادرة على الحركة بتأثير الطاقة الخارجية.  بدأ الفرنسي عام 1983 بالتساؤل حول إمكانية التأثير في الترابط الجزيئي الذي يقوم على تبادل الإلكترونات الخارجية بين الذرات المشكلة للجزيئات. وهو ترابط قوي لا يسمح للذرات بالمرونة داخل الجزيء. وتمكن من إيجاد ترابط ميكانيكي للذرات لتشكيل الجزيئات يتصف بالمرونة، أي يجعل الذرات تتحرك وتترابط داخل الجزيء بالتأثير عليه طاقياً. ومن هنا بدأ البريطاني بتحويل الطاقة إلى حركة على المستوى المجهري، أي بصنع آلة مجهرية مؤلفة من جزيئات تتحرك باستهلاكها للطاقة. وهي آلة صغيرة للغاية من أبعاد النانوميتر. مصدر الطاقة إما حراري أو ضوئي. قام الهولندي بعد ذلك بتجميع الآلات والتحكم بالحركة واتجاهها وسرعها. وبذلك أنجز الثلاثة سيارة جزيئية قابلة للبرمجة على المستوى المجهري، سيكون لها تطبيقات كثيرة في الجسم الحي.

جائزة نوبل في الطب لعام 2016

فاز بها الياباني يوشينوري أهسومي (1945-) وذلك عن أبحاثه في الالتهام الذاتي autophagy، وهي عملية تهضم خلالها الخلايا نفاياتها الخاصة بها، وهذا أمر حيوي لتجديد الخلايا. فالخلايا الإنسانية تدمر نفسها وذلك بحبس نفسها في حويصلات ذات غشاء مضاعف، قبل أن تتلقاها الجسيمات الحّالة، وهي العضويات المسؤولة عن هضم وإزالة بقايا البكتيريا. وفي حالة خلل هذه العملية فإن ذلك قد يؤدي إلى أنواع مختلفة من الأمراض من بينها مرض هونتغتون والزهايمر ومرض كرون أو اعتلال العضلات. واضطرابات الالتهام الذاتي ربطت بمرض باركنسون والسكري واضطرابات أخرى التي تظهر لدى كبار السن. جاء في بيان لجنة نوبل: "إن تبدلات الطارئة (طفرات) على المورثات يمكنها أن تسبب أمراضاً وراثية. وهناك بحوث مركزة تجري الآن لتطوير علاج يستهدف الالتهام الذاتي في إصابات مختلفة. بدأ أهسومي العمل على هذه الظاهرة منذ التسعينيات عبر إجرائه تجارب على الخميرة وحدد مورثات الالتهام الذاتي والآليات الكامنة وراء ذلك وبيّن بعدها أن الآليات نفسها تعمل الشيء نفسه في جسم الإنسان.

جائزة نوبل في السلام لعام 2016

سانتوس وأسرته

حصل عليها الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس (1952-) وذلك لجهوده في عملية إحلال السلام في بلاده مع المتمردين الكولومبيين. فقد عقد بعد توليه الحكم محادثات معهم في كوبا بأمل الوصول إلى اتفاق سلام. وبالرغم من رفض الكولومبيين للاتفاق فالرئيس متفائل بالوصول إلى اتفاق مقبول وكذلك زعيم المتمردين. وربما كان هذا أحد أهم دوافع اللجنة النرويجية في أوسلو المقررة لجائزة نوبل للسلام لتشجيع الكولومبيين على عمل كل شيء لبلوغ السلام في بلادهم.

جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2016

حصل عليها ثلاثة بريطانيين يعملون في أمريكا: هم ديفيد ثولس (1934-) ودونكا هالدان (1951-) ومايكل كوسترليتز (1942-) "لاكتشافاتهم التي سمحت بتقدم في الفهم النظري لأسرار المادة الذي ولّد تطلعات جديدة لتطوير مواد مجددة... ولفتحهم الطريق إلى عالم غير معروف حيث يمكن للمادة أن تأخذ حالات عجيبة. واستخدامهم وسائل رياضياتية متقدمة لدراسة أطوار أو حالات غير عادية للمادة، مثل الناقلية الفائقة، أو السيولة الفائقة أو الأغشية المغناطيسية الرقيقة... وستكون تطبيقات ذلك كثيرة في علم المواد وفي الإلكترونيات" وجاء في عنوان عملهم تعبير "مواد غريبة" التي درسوها باستخدام ما أسموه "تبدلات الأطوار الطوبولوجية". وكلمة أطوار ليست فقط بالمعنى الشائع من أطوار المادة الثلاثة. ولكن لمغنطة مواد مثل الحديد بطريقة عفوية عندما توجد في وسط درجة حرارته أقل مما يسمى بالدرجة الحرجة، ولكون أن بعض المواد تصبح فائقة الناقلية (أي فقدان مقاومة التيار الكهربائي تماماً) عند تبريدها إلى درجات حرارة منخفضة. ويمكن أن توجد حالات أو أطواراً أخرى لبعض المواد في ظروف محددة. 

جائزة نوبل في الاقتصاد لعام 2016

فاز بها كل من البريطاني-الأمريكي أوليفر هارت (1948-) والفنلندي بنغت هولمستروم (1949-) بجائزة نوبل للاقتصاد عن أعمالهما في "نظرية العقود". كلاهما يعملان في جامعات أمريكية. جاء في بيان الجائزة إن هذين الباحثين  "طورا نظرية للعقد، هي إطار شامل لتحليل الأوجه المتعددة مثل أجور المسؤولين على أساس أدائهم، والإجازات ودافعي التأمين، وأيضاً خصخصة قطاعات عامة...وافتتحا ميدان بحث أساسي خصب". اهتمت بأعمالهما الشركات والمؤسسات بخصوص الحوكمة، وطبقت نتائج تحليلاتهما على مجموعة كبيرة من المؤسسات، مثل مزودي الخدمات العامة كالمدارس والمشافي والسجون... حيث كانت تطرح أسئلة من نوع: هل يجب أن تبقى هذه المؤسسات حكومية أو أن تصبح مؤسسات خاصة؟ وهل يجب أن تكون رواتب المدرسين والعاملين في مجال الصحة وحراس السجون ثابتة أو ترتبط بالأداء؟ لامس عملهما في موضوع العقود مواضيع بسيطة مثل عقود التأمين ضد حريق البيوت أو سرقة السيارات، وكيف سيكون التعويض الذي على أساسه سيقوم الناس بالتأمين على ممتلكاتهم دون أن يشكل ذلك عبئاً ثقيلاً عليهم يمنعهم من التأمين.

فينيقيا

منطقة تمثل إلى حد كبير لبنان الحالي. جاءت التسمية من الإغريقيين الذين كتبوا عن الفينيقيين. إذ لم يترك الفينيقيون كتابات يمكن الرجوع إليها، ولم تجر بحوث كافية عنها. هي تجمع لعدة مدن مثل صور وصيدا وجبيل (بيبلوس) وأرواد. ولا يُعرف إن كانت جمعتهما رابطة سياسية أو اجتماعية. يستخدم المؤرخون كلمة فينيقيا للإشارة إلى الحضارة التي سادت في شرق المتوسط بين عامي 1200 و 300 ق.م، استمدت جذورها من بقايا ما كان في المنطقة في الألف الثاني قبل الميلاد. وبعد انسحاب الفراعنة والحثيين من المنطقة نحو عام 1200 قبل الميلاد، عرفت منطقة فينيقيا الاستقلال الذاتي مما سمح لها بإنشاء شبكات تجارة في البحر المتوسط. وسمح للفينيقيين بإنشاء مدن في قبرص وصقلية وسردينيا وكورسيكا وإسبانيا وتركيا وأفريقيا الشمالية، وأشهرها قرطاجة. اشتهر الفينيقيون ببناء السفن والإبحار والتجارة والحرف اليدوية. أبجديتهم هي الأصل في أبجديات حالية كثيرة، منها العربية، وإن لم تكن بأقدم الأبجديات. انتهوا عقب حروب طويلة مع الرومان في القرن الثاني قبل الميلاد.

بلاد المشرق

أو Levant كما سماها الفرنسيون تاريخياً للدلالة على كل منطقة المتوسط الواقعة إلى شرق إيطاليا بما في ذلك بيزنطة. وبقيت هذه التسمية أيام العثمانيين منذ القرن السادس عشر مع سلالم الشرق. ولكنهم، مع الوقت، حصروا التسمية بمنطقة سوريا ولبنان والأردن وفلسطين. ولكن المؤرخين وعلماء الآثار أعطوا هذه التسمية للمنطقة المحصورة بين جبال طوروس وحتى شمال البحر الأحمر. أي جنوب تركيا وغرب العراق وسوريا ولبنان والأردن وفلسطين وسيناء في مصر، وهذه ما تعرف ببلاد الشام.  ولكن هذه التسمية انته استعمالها مع ظهور مفهوم الشرق الأوسط منذ بداية القرن العشرين.

الموصل

  الموصل ودمارها منذ الغزو الأمريكي عام 2003 واحتلال داعش لها عام 2014

ثاني مدن العراق، يسكنها نحو 2.7 مليون شخص. تقع على نهر دجلة في أعلى ما بين النهرين. هي عاصمة محافظة نينوى. اسمها التاريخي نينوى، وسماها العرب "الموصل" إذا كان الانتقال بين طرفيها يوم دخولهم إليها عام 641 عن طريق قوارب صغيرة تشكل جسراً واصلاً. ولها اليوم خمسة جسور. سميت كذلك بأم الربيعين، لأن خريفها يشبه الربيع. تبعد 350 كم عن بغداد شمالاً ونحو 100 كم عن الحدود السورية شرقاً والتركية جنوباً. يقوم اقتصادها على النفط والتجارة. لها تاريخ حافل. جاء ذكرها كثيراً في الكتاب المقدس الذي يعتبرها مدينة النبي يونس. فيها آثار كثيرة تعود للفترات الأشورية والبابلية. وهي تضم مكتبة بابل الشهيرة. غزاها الإسكندر المقدوني، وبعده الباريثيون والساسانيون والروم والعرب والمغول الذين دمروها عام 1261. ومن ثم تداولها الصفويون والعثمانيون الذين جعلوها عاصمة لإيالة الموصل. كانت أهم مدينة للمسيحيين النسطوريين في المشرق. من أشهر أبنائها زرياب والشاعر أبي تمام. وهي اشتهرت بنسيجها الناعم الشفاف الذي يحمل اسمها (الموسلين) في كل العالم.

تاريخ الاكتشافات العلمية/ بين القرن الثالث عشر والسادس عشر

رسم لأوكام ونصله

كان فيها أول الجامعات الغربية، من جامعة بولونيا في إيطاليا وجامعة باريس وأكسفورد وكامبردج. وكذلك ظهور مفكرين وفلاسفة أثروا في تاريخ العلم مثل البريطاني روجر بيكون (1214-1294) الذي شدد على أهمية المنهج التجريبي. وكذلك الفيلسوف ورجل الدين غيّوم أوكام (1285-1347) الذي طالب بالتمييز بين المعرفة العلمية والمعرفة الدينية عبر ما سمي بحد شفرة/نصل أوكام. وجان بوريدان (1292-1363)، رجل الدين والفيلسوف الفرنسي الذي بدأ بوضع نظريات أولية في الميكانيك. أما في القرن السادس عشر، وفي عام 1539 أنشأ البلجيكي أندريه فيزاليوس (1514-1564) معهد التشريح. وفي عام 1543 أعلن الراهب البولوني كوبرنيق مركزية الشمس في النظام الشمسي دون الأرض. وفي عام 1570 قام التشيكي تيخو براهي برصد فلكي مفصل كانت نتائجه الأساس لقوانين كبلر. وفي عام 1591 ظهرت الرياضيات بالرموز مع الفرنسي فرانسوا فييت (1540-1603).

هيراقليطس

Hêrákleitos، فيلسوف يوناني ولد نحو 540 ق.م وتوفي نحو 480 ق.م. ينحدر من أسرة ذات محتد. ترك كل شيء للعيش كما يريد مفكراً ومعتزلاً. وهو أول من قال "اعرف نفسك بنفسك، وتعلم كل شيء بنفسك". له كتاب وحيد معروف "حول الطبيعة" بقي منه بعضه. وهو كتاب غامض لاحتوائه على الكثير من الأضداد في صيغه، وبلا تنقيط. ولكن هذا يعكس كما يقول المؤرخون عمق أفكاره. فهو من معارضي فيثاغورث بقوله إن كل شيء في حركة لا تتوقف، وأن الكينونة هي كذلك تنتقل من حال إلى حال. "فمن يسير في الأنهر ذاتها ستمر به مياه ومياه غيرها"، بمعنى أننا لا نسبح مرتين في مياه النهر. والحي يموت، وما هو ميت يصبح حياة. والمرئي يصبح غير مرئي، وغير المرئي يصبح مرئياً، والنهار والليل هما الشيء نفسه، والأعلى لا يختلف عن الأسفل، والبداية لا تختلف عن النهاية، والمفيد لا يختلف عن الضار، "فمياه البحر جيدة للسمك وقاتلة للإنسان". قال بأن النار هي بداية كل شيء.

علامات التنقيط

رسالة وسيلة الطباعة لإبراهيم متفرقة عام 1726 بلا علامات تنقيط

أو الترقيم، ولكن الأفضل تسميته بالتنقيط لاشتقاق الاسم من النقطة. ويُقصد بذلك علامات التنقيط المستخدمة في الكتابة بهدف تسهيل قراءة النص بما يجعله أقرب إلى الملفوظ. فالنقطة مثلاً تعني التوقف قليلاً للإشارة إلى انتهاء جملة مفيدة. وإشارة الاستفهام للإشارة إلى سؤال ندركه عند سماعه ملفوظاً. وكذلك الأمر بخصوص علامة التعجب. أضيف إليهما علامة الفاصلة للإشارة إلى توقف قصير دون اكتمال واف للجملة. وبين النقطة والفاصلة أضيفت الفاصلة المنقوطة للفصل بتوقف أطول من القصير، وإلى أن بين ما قبلها وبعدها علاقة ما يستحسن عدم إنهائها بوضع نقطة. وإلى كل هذا أضيفت نقطتان فوق بعضهما للاستخدام بعد القول أو للتوضيح. وأضيف أيضاً القوسان لتوضيح ما سبق من الكلام، والمزدوجتان للاستشهاد، والقوسان المعقوفان لذكر المراجع وغير ذلك. أول ما ظهرت علامات التنقيط كان في الإغريقية في القرن الثالث قبل الميلاد وفي مكتبة الإسكندرية. لم تَعرِف العربية ذلك حتى القرن التاسع عشر مع ظهور الطباعة. فالكتب المنسوخة يدوياً لا تحمل إشارات تنقيط.

الميزة النسبية

كانت التجارة الدولية مصدراً للحروب حتى منتصف القرن التاسع عشر

مفهوم يرتبط بالاقتصاد. صاغه بطريقة واضحة لأول مرة البريطاني ريكاردو عام 1817 في كتابه "مبادئ الاقتصاد السياسي والضريبة". وهو يقول بأنه من الأفضل لبلدين، في ظروف التبادل الحر للسلع، ينتجان سلعاً مماثلة أن يختص كل منهما في السلعة التي يجيدها بشكل أفضل من حيث القدرة الإنتاجية أو الكلفة، ثم يتبادلان سلعهما وفي هذا مساهمة أفضل في ثراء كل منهما. وهو كما في البلد الواحد، حيث تشتهر بعض المناطق بإنتاج سلعة ما، تتبادلها فيما بينها دون أن تنتج سلع المناطق الأخرى التي لا تشتهر هي نفسها فيها. فكل البلاد تحتاج مثلاً الملابس والأحذية. فبدلاً من أن تنتج كلها الثياب والأحذية، سيكون من الأفضل أن تقوم البلاد الشهيرة (من حيث الكمية أو الكلفة) في الملابس بإنتاجها وأن تقوم البلاد الشهيرة بالأحذية بإنتاجها. يؤكد هذه النظرية مجموعة كبيرة من الاقتصاديين الحاصلين على جائزة نوبل. يحتاج هذا المفهوم لحسابات أكثر شمولاً للوصول إلى تحديد صاحب الميزة النسبية.

آدم سميث والثروة

فيلسوف أخلاق واقتصادي اسكتلندي (1723-1790). نشر كتابه الشهير "ثروة الأمم" عام 1776. وهو نص مؤسس لليبرالية الاقتصادية. أمضى سنوات في كتابته معتمداً على دراسات وأفكار سابقة، صاغها في مبادئ جعلته يعتبر أب الاقتصاد السياسي، وإن كان عدد من كبار الاقتصاديين اللاحقين يعتبرون الكثير من مقولاته خاطئة. قال بأن الثروة هي مجموعة المنتجات التي تحتاجها حياة الأمة، وأن الذهب والعملة هما وسائط للتبادل. كان يعتقد أيضاً بان قيمة المنتج يحددها مقدار العمل المبذول فيه، ولكن ريكاردو انتقد ذلك قائلاً بأن رأس المال المبذول، بما في ذلك الأجور، هو ما يحدد القيمة. حاول الإجابة على سؤال: كيف يمكن إنتاج الثروة وزيادتها. لذا قام بتحليل النمو الاقتصادي في أيامه وتوصل إلى أن سبب ذلك هو: تراكم رأس المال، والتخصص في العمل، وحجم السوق. وفي هذه الأخيرة كان يقول بدور "اليد الخفية" التي تنظم آلية الأسواق وفق مصالحها، وتقوده إلى التناغم الاجتماعي. وفي هذا يناقض فحوى كتابه "نظرية المشاعر الأخلاقية"، مما تسبب من توجيه الانتقاد إليه.

ريكاردو ومبدأ الندرة في الاقتصاد

هو ديفيد ريكاردو (1772-1823)، اقتصادي وفيلسوف بريطاني. عمل في الصرافة واغتنى منها فهجرها للعمل كسياسي واقتصادي. وهو من أهم اقتصاديي بريطانيا مع آدم سميث ومالتوس. كان يرى في الاقتصاد السياسي بحثاً في توزيع الثروة. كتابه الأهم "مبادئ الاقتصاد السياسي والضريبة 1817". قال بنظرية القيمة، وميز بين قيمة الاستخدام وقيمة التبادل. وقيمة الاستخدام ضرورية للتبادل ولكنها ليست ما يحدد قيمة التبادل. فالماء ذو قيمة استخدام عالية ولكن قيمة تبادله منخفضة لوفرته. أما الألماس فاستخدامه محدود ولكن قيمته عالية جداً لندرته. وهو يميز بين ما لا يمكن إعادة إنتاجه مثل الماء والألماس وما يمكن إنتاجه بالعمل. وهنا يضع القيمة في رأس المال الجاري اللازم لدفع الأجور وليس عدد ساعات العمل المصروفة في الإنتاج كما قال أدام سميث. فللأرض الأقل خصوبة مردود أقل من أرض خصبة من أجل كمية العمل نفسها، لذا ستكون قيمة الحبوب بما يغطي الكلفة. وقيمة الأرض ستزداد مع ندرتها. قال بمبدأ الميزة النسبية، وكان وراء استخدام الذهب كمرجع للعملة الورقية.